لو رفعَ اليتامي صورَ أمهاتهم – علي المازمي

‏‎في أحدِ أعيادِ الأمِ، رفع اليتامى صورَ أمهاتهم جهةَ اللهِ، وانتزعوا ظلَّ السماءِ الكئيب، غاضبينَ كانوا، لكن دمعةً لم تسقط. هي ثورةُ الأمهاتِ سَمَّوها، مطالبينَ بالقصاصِ، كانت أعدادهم تتزايدُ، ففي هذا العالمِ تموت الأمهاتُ كثيرًا. كانوا يرغبون بنبيَّةٍ أمٍّ، بديانةِ ثديٍّ جديدةٍ، رافعين أصواتهم، والريحُ تشتدُ: أول الأيتامِ أنا.

‏‎من سيجيبُهم، ولسانُ الوحيِ مقطوعٌ؟ من سيجيبُ والسماءُ ألقتِ الخاتمَ منذُ زمنٍ؟ كانوا واثقينَ، بعض أطفالٍ يغنونَ عن الحليبِ، ويجهِّزون بئرًا، وكأنما المعجزاتُ لم تَمُتْ.

الراوي، كان على قمةِ حزنٍ، الوحيد الذي يبكي لمشهدِ القيامةِ هذا. يقول: فجأةً، رفع المتظاهرون، صورةً للمرأة نفسها، الآلافُ، جثموا على ركبهم، حتى الريحُ، على ركبتيها. أمٌّ واحدة، جعلت كلَّ اليتامى صامتين، هادئينَ.

هي الكثيرةُ، وكأنَّها ملاذاتٌ لا تنتهي، وفيها سحنةٌ من نورٍ.

بدأت السماءُ تنشقُّ، والحاضرون دفنوا رؤوسهم في الأرضِ. أسمعُ طبلًا، وهتافَ عظامٍ راجفةٍ، والأطفالُ كانوا وحدهم، شجعان القضيةِ، من رأوا وجههُ، وشاهدوا الآبارَ تتفجرُ بالحليبِ، والسماءَ تمطرُهم أمًّا أمًّا بحيث لم يبقَ رمقٌ يتيمٌ.

آخ لو رفع اليتامى صورَ أمهاتهم.

*نص: علي المازمي

زر الذهاب إلى الأعلى