* في ذكرى و. ب. ييتس الذي مات في كانون الثاني 1939
*
لقد اختفى في قلب الشتاء:
كانت البحيرات متجمدة، والمطارات تكاد تكون مقفرة
والثلج يشوه التماثيل المنتثرة هنا وهناك.
وغاص الزئبق في فم النهار المحتضر،
أجمعت الأجهزة كلها
على أن يوم وفاته كان يوماً بارداً مظلماً.
وهناك في مكان ناء عن مرضه
كانت الذئاب تتراكض عبر الغابات الدائمة الاخضرار
ولم تستطع السدود الحديثة
أن تغوي النهر القروي.
وحجبت الألسنة النائحة
خبر موت الشاعر عن أشعاره.
أما بالنسبة له
فقد كانت هذه الأمسية نذير
الخاتمة.
كانت أمسية حافلة بالممرضات والإشاعات ،
لقد ثارت مناطق جسده
وفرغت ميادين عقله
وغزا السكون الضواحي
وتوقف تيار شعوره:
لقد أصبح ملكاً للتاريخ.
ملكاُ للمعجبين.
إنه الآن مبعثر في مئة مدينة
وممنوح برمته لعواطف غريبة لم يألفها،
ليجد سعاته في نوع آخر من الغابات.
وليلتقي العقاب من شرعة ضمير أجنبي
أن كلمات رجل ميت،
لتتخذ الآن قوالبها الحية في أحشاء
الأحياء.
ولكن في ضوضاء الغد وأهميته
عندما يزأر السماسرة كالوحوش على أرض البورصة
ويعاني الفقراء الآلام التي ألفوها جيداً
ويقتنع كل منهم في زنزانة نفسه بحريته
سيتذكر هذا النهار الورف عديدة
كما يتذكر الإنسان يوما قام فيه بعمل شيء غير مألوف.
أن الأجهزة أجمعت كلها
على أن يوم وفاته كان بارداً مظلماً.
*
(وفيق يوسف)