أخرجتْ قلماً وورقة وكتبتْ:
”إلى الأُميين، الذين لا يعرفون القراءة ولكن يقرأون رسالتي على كلِّ حال، إلى قيصر في فراش الموت، إلى أول من نظرَ إلى القمر، إلى الصعاليكِ والشواذ والضائعين، إلى من هم على الهامش ومن هم خلف السياج، والأهمُ… إلى الكارثة، أكتبُ رسالتي:
الأمرُ كلّه نبوءةٌ في حلم. نبوءةٌ بلا نبي، وحلمٌ بلا حالم، ولو أن الأمر يبدو حقيقياً جداً، حقيقياً أكثر من اللازم. نعم، أكتبُ بثقةٍ تامةٍ وكأنَّني من دبَّر الأمر ومن سيُنهيه.“
تركتْ القلم المُعبَّأ بالمعرفة الغامضة وأرختْ جسدَها، ونظرتْ إلى أبعد من السماء، وجلستْ تفكر وتفكر وتفكر. الحياة كلّها فكرة تتكون من 13 زاوية وكلُّ ما يستطيع المرء فعله هو الجلوس في الوسط والتأمل. التأمل في ماذا؟ لا يهم. العالم واسع، أنا العالم والعالم أنا. أستطيع أن أكون ما أريد. ولكن اخترتُ أن أكون لا شيء. معادلة بسيطة، عندما أكون لا شيء، أستطيع أن أكون أيَّ شيء وكلَّ شيء. مُعادلة بسيطة.
مسكتْ القلم مرة أخرى وأكملتْ رسالتها:
”من سيوقظنا جميعاً من موتنا؟ من سيخرجنا من عزلتنا؟ من معه المفتاح؟ لا أريدُ معرفة جواب يمليه سياسيون منافقون، ولا أطمح أيضاً إلى الحقيقة—لو كانت موجودة—ولا إلى جواب يعطى إليّ على طبقٍ من ذهب. أريد—لا يهم. التاريخ بأكمله يتكون من أحداث عفوية شديدة الدقة. التاريخ هو وعي الوقت بنفسهِ. تعريفٌ فلسفي ممل للتاريخ. التاريخ هو ما يكتبه المنتصرون. ماذا عن الحاضر؟ الحاضر مُرهَق. الكارثة أرهقته وأرهقت من يعيشه. هل الحاضر حدث تاريخي؟ على الأغلب. هل سيكتبه المنتصرون أيضاً؟ هل سيُحرّف؟ هل هذا ما يهم الآن؟ نعم ولا. أريد بعض الموسيقى وعدسة مكسورة لأرى الأمر بشكلٍ أوضح.
رسالتي هي مجرد أفكار غير مترابطة تصف عالم استثنائي. عالم يريد أن يكون غير استثنائي. أن يكون مجرَّد نمط. مجرَّد رسالة إلى الماضي والمستقبل.
الآن، ماذا؟“
تركتْ القلم وأخذت الورقة ووقفت تنظر إليها.
”هل العالم ورقة؟“ فكَّرتْ.
”ربما.“
*نص: وادي الأزرق