سقطَتْ من العرشِ
حينما اهتزَّ لعصيانِ إبليس،
تعثّرَ بها الشيطانُ
وألقمَها فمَ آدم،
تقيّأها آدمُ أمام كهفٍ بعد أن نزلَ إلى الأرض،
قابيلُ تعثّر بها فحطّمَها على رأس هابيل،
حواءُ كي ترى دمَ ابنِها قدحَتْها بضلعِها
فتولَّدت من الشرارة جبالٌ،
وانتشرت السلالةُ الملعونة.
نحتَ البدائيونَ منها بيوتاً،
رسموا كلَّ شيءٍ على الكهوف،
صنعوا أكواباً وصحوناً وقلائدَ لنسائهم،
وحراباً لبَقْرِ بطونِ الحوامل
وذبْحِ الكائناتِ في البرّ والبحر،
يطلقونَها على السماء لجلبِ المطر
ويغرزونَها في الرؤوس
لتحطيم الصورِ
والذكريات.
تناقلتْها الدياناتُ،
أصبحتْ حجراً أسودَ يُقبّلونه
وحجارةً صغيرةً يرمونَ بها الشيطانَ،
الأبَ القديمَ للنارٍ والتراب.
يستخدمُها البشرُ لقتلِ بعضهِمْ بعضاً
ويدافعونَ بها عن أراضيهم
فيصنعونَ منها الحصون
ويحطّمونَ بها جماجمَ الأعداء.
تبتلعُها التماسيحُ
لتهضمَ البشرَ
ثمّ تتقيَّؤهم كغذاءِ للأسماكِ،
الأسماكِ التي سيأكلُها البشرُ في ما بعد،
يختلطونَ جميعاً كفضلاتٍ في المجاري
أو يتحلّلونَ -بعد أن كانوا جثثاً- في التراب؛
الترابُ سليلُ الحجارة،
نبي الولادةَ والقيامة.
كتبَ بها جلجامشُ
وبنَى بها الفراعنةُ والمايا الأهراماتِ،
نادَى بها العشاقُ
العشيقاتِ من النوافذِ،
واستخدمَها العرّافُ
والمنجّمُ والفلكيُّ والتائهُ في الصحراء.
يستخدمُها الوثنيُّ للعبادة،
يستخدمُها الجلّادُ للتعذيب،
يتحزّمُ بها الجائعُ،
يربطُ نفسهُ إليها،
المنتحرُ في النهر
كي لا ترتفعَ جثتُه بعد أن يُغيّرَ رأيه.
كان اسمُها حجرَ الفلاسفة
وحجرَ الصبر،
تحكي له المخنوقةُ
حتى يتفتتَ من الحزنِ ويتكلم.
الحجارةُ،
تشتعلُ في رأسِ تايسون
وتنفجرُ في يدهِ.
الحجارةُ،
ليتها أوقفتْ عربةَ الطفل
على الدرجِ الطويل
في فيلم “المدرعةِ بوتمكين”.
الحجارةُ / الصخرةُ
كانت بلا وزنٍ في لوحاتِ “ماغريت”
مرة تطارد غيمة،
مرةً تجلسُ أمامَ نافذة،
ومرةً معلقة بين البحرِ والسماء،
أكرهُها
التفاحةُ التي أخرجتْ آدم.
ماغريت
ليته أبدلَها بحجارةٍ في وجهه.
الحجارةُ/ الحجارةُ
ليتها لا تُثقلُ القبورَ بعد الآن،
ربما الميتُ يخرُجُ، يرى اسمَهُ أمامه
فيموتُ ثانيةً،
الاسمُ مؤلمٌ، الاسمُ دليل.
سخّرها الربُّ في السماءِ
لتضيء،
وقد تصطدمُ ببعضِها
فتخترقُ الأرض.
يُقال إنّ ما سيحرقُ الأرضَ
حجارةٌ من الجحيم،
قد تكونُ شموساً حمراءَ
تنفجرُ،
أو شيئاً أعظمَ
أو حتّى أصغر!.
*نص: مهدي محسن
*من ديوان: تتدلى الرقاب