ربضَ في قلبِ الساحةِ كالعناد
ذلك الكهل
كما لو كان مغروساً في المقعد الحديدي
تقطُرُ الخيباتُ من لحيتِه
والسنواتُ محشوّةٌ في جيوبه المهترئة
مع كرّاس خرائطَ لمدنٍ بعيدة
وأوراقٍ دعائيّةٍ مهروسة
وعبوّةِ ماءٍ صغيرة
وقياسٍ متريّ يتدلّى طرفُهُ كأفعى
تُرى
أيَّ طولٍ يحسب؟
جلستُ بعيداً عنه
على طرف النافورة الخاربة
وقرأتُ له قصيدةً من هناك
ودونَ العالمين
نظرَ إليَّ بهدوء
لم يكن محدّقاً
بل مستريحاً في البصر
مثلَ آلةٍ
أو نمرٍ قتيل.
أقبلتُ عليه، واحتضنتُهُ
كدتُ أهوي في وادٍ تحت ترقوتِه
فابتعدت
واكتفيتُ خائفاً بمصافحةِ يدِه
التي تشبهُ المِبْرَد
افترقنا سريعاً
أنا لا أدري لماذا هذه الساحة
وهو غير مكترثٍ بالمرّة
فلم يلتفت قَطُّ
بل كان يمضي هادئاً كجنرال
يدحرجُ الغيبَ أمامَه
واضعاً يده في إحدى سنواتِ جيبه
-ربّما سنة الشيزوفرينيا-
مضى بكلّ تنازلٍ
وغابَ في زقاقٍ ضيّقٍ
على أوّلِهِ لافتة:
حانوت العمر للكراء.
موقف بجلته بقلمك كأنه أسطورة في كتاب مُنع من النشر ويتسرب عبر الأنفاق أهنئك بكل ماتحمله من إبداع