اسمي ياسر، ياسر الزيات
أهديك رائحة المخدر، أهديك النزيف، أهديك رسم القلب وأشرطة المهدئ. أهديك ثانيتين من الغيبوبة، أهديك صرختين، وفزعين، وحنينين، وموتين مؤجلين. أهديك أصدقاءك وعشاقك. أهديك أبويك وأخوتك. أهديك مقهانا كله، وبكاءنا كله، وشوارعنا كلها. أهديك أصابع قدميك، وآلام نهديك، وأخدود ظهرك. أهديك الخط بين شامة صدرك وشامة فرجك. أهديك الغضب من النوم، أهديك “صباح الخير”. أهديك لساني، ولسان البحر، وصوتي، ومطري، وأصدقائي.
سيحتاج حبيبك كل هذه الهدايا.
***
ذات يوم سيصبح الموت ماضيا، ويصبح الحب ماضيا. وتصبح الفيزياء ماضيا، ويصبح الألم البشري ماضيا، وسنصبح ماضيين. سيخترع المستقبل أزمنة لا تتقاطع للبشر الذين تقاطعت أجسادهم في أسرة الفنادق، ذات يوم.
ذات يوم ستبقى النفايات وحدها، والأكاذيب وحدها، وابتسامتك وحدها، وصوتك المستعار وحده. ستمتلكين ثروة من روائح الرجال ودمائهم وجلودهم. ستستيقظين كل يوم على لمسة جديدة مكررة، ذات يوم.
.. ولن تبكي أبدا، ستبيعين دموعك للعشاق السابقين، والقتلى السابقين، والأطفال السابقين، والشعراء السابقين، والفقراء السابقين. ولن ترقصي أبدا، لأن جسدك لن يرى الموسيقى، ولن يتبقى منه سوى رائحتي، ومهدئاتي، وغيبوبتي، ونزيفي، وهداياي التي تنتقل من حبيب إلى آخر، لكنها تفزعك كلما نظرت إلى المرآة.
***
اسمي ياسر، ياسر الزيات، وكنت أحبك ذات يوم.
أبو ظبي 8 مارس 2006