في شتيمة الحب – محمد الحكيم

أشخاص:
بلدان:

ليسَ الأمرُ أنني لا أريدُ أن أكتبَ عنكِ، الأمرُ هو أنني لا أستطيع، فقدتُ الإلهام والشغف والطاقة اللازمة للاستمتاع، الحبُّ عندما ضربَ قلبي، كسرَه، الحبُّ شرير لعين، يكسرُ قلوبنا فلا تكون صالحة لاستخدامات الحياة المتعددة. لا يمكن أن يكون ذلك أمراً جيداً، مثل سيارةٍ ليس بوسعك استخدامها سوى كنبة، أو قلم ليس مسموحاً لك أن تكتب به، بل أن تضعه فقط في مؤخرتك. الحبُّ يقصرُ دور القلب على أن يكون ذليلاً، ويُعطل قدراته الفائقة كمحرك تربو للحياة.

أنظرُ للجميع الذين يبحثون عن الحب، يُفتشون عن فرصةٍ حقيقية للسقوط، تبهرني شجاعة الرغبة التي سرعانَ ما تتحولُ إلى صراخٍ وعواء. أشعرُ بالامتنان لإدراكي هذه الحقيقة قبل أن يضربني الحب، لم يُفاجئني هذا اللعين.

الحب يمتصُّ الحياة من العروق، يسرقُ وجهك، وذلك الاستقرار الذي كنت تحسه في أيامك، الهدوء الجميل والتمشي في مسارات الحياة واللغة والجغرافيا والطموحات الأخاذة التي تقودك في بحرٍ هادئ الأمواج، فجأة تصادفُ موجةً عملاقة، تسونامي شرير لا يريدُ الإبقاء على شئ أمامه، لو كانَ يمكن تربية تسونامي في البيت كحيوانٍ أليف، لأمكن للحبِّ أن يكون جيداً وممتعاً.

الحبُّ يأخذُ منك كلَّ شئٍ ويُعطيك حماساً ونفوراً، يُعطيك براكين تتقدُ في داخلك وتنفجرُ في وجه أيامك. من قال أن البراكين كائناتٌ طيبة؟ إنها مدمرة وسليطة اللهب وتبدو أجمل فقط من بعيد، أما قلبها فيصهرُ كلَّ شئٍ ويلغي حقيقته.

الحبُ يُلغي حقيقةَ الفرد الواعي، ويصهره في جحيمه، حتى لا يغدو كما كان، بل يتحولُ لكائن تالف ممزوج بالغبار والرماد، ويَحلُّ الألمُ مكان كل شئ، الأحلامُ لا تعود ممكنة، ولا الفرح.

الحبُ خنجرُ الطبيعة الموجع، سحرُه أن يغوينا بتشهي طعنته، أمرٌ لا يمكن أن يكون منطقياً، هذه النزعة القوية والميل الشديد للوقوع من أعلى المنحدر، الوسيلة الوحيدة للهروب من الحياة، لأولئك الذين لا يجدون نبضاً راقصاً في قلوبهم، فيختارون أن يرقصوا رقصة الموت.

فقدتُ حقيقتي عندما أحببت، وها أنا أبحثُ عني من جديد.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى