(1
أنـتظر تسرّب الـقليل مـن فكرة انزوائكِ. أخرجُ، أطـمئن على وقوفكِ المُستمر، أمام المسجـد أحـضر، لأرى الأيام تقف بكِ مثمرةً، التي أمتدُّ في ظلّها شجرة باسمكِ.
(2
بفكرةٍ صـالـحة أضـعـكِ هـناك قريبة مـن دفئي المفتوح، ومـن حـرارة أنفاسي الصَّاخبة التي على أشـدّهـا، في الشمال، أُغري الـمَاء بنظرتكِ للجريان في (المناه)*.
(3
كأنَّه جاء بلا نهايات في زمنكِ الأسطوريّ، الذي دحرج جبلاً، استقرَّ في حضن شارع. زمـنكِ الـلاطـم لخـد الاقتراب، الماثل كجسـدٍ مـن شـمع، ككتلةٍ بعد الذوبان، جاء بعد النار، يتأرجح في الأزمنة.
(4
ليس لي إلا الدوام على الثلاثاء، والسير كأعمى إلى الفيافي والدخول في الـذكـرى، مستعيناً بضحكتكِ لـدرء الـسواد، وصـلابة عـودي، أضـع الصباحات الباسمة في جذعكِ، وأذهب كي أعود مُفعماً بالحنين.
(5
يقفز الأطـفـال مـن الـكـرسي الطويل، القريب منكِ، والآخرون على المراجيح، يتطايرون مسرورين، هذهِ أنتِ الخضراء المُمتدَّة في البركة تحدثهم غصونكِ عن الله، والحب، والتضحية، بينما تُشيرين بإصبعكِ، من مكان جلوسهِ، المُنهك القادم مازال منزوياً في أعماقكِ.
(6
يبقيني الليل في هـذيانكِ الـزمنيّ. الطبيعة رئـتكِ في الحب. روحـكِ مستحيلة، اخضرارها للداخل على جسدكِ، كربِّ العصور، حيث يدفع المُحيطين من حولكِ، العميق فيكِ هدوءهم.
(7
قبل أن تأتي، كنتُ ألمس طباعكِ في السنوات العشر من عمر ظهوركِ، خبأني ترددكِ، الجميع وَجدني مُتراكماً في صدركِ، ومتوارياً في زاوية! كنتُ أستفيق فيكِ بمعرفة اللاوعي، وأضيع في حجَّة الخوف.
(8)
آنستُ ذلك، ودخلتُ الـرضـا وغرستكِ، كـي أُلـزم المُصلين بالـدعـاء الشجرة التي باسمكِ يغمرهـا الـمطر، الأدعية، الأمنيات، ليميزكِ الله وتكوني أجمل شجرة في حديقة (الفريج)**.
(9
في عناقٍ مُلتصق مع الفراغات – الأرق – بانقلابٍ مُشترك، مع حرارة الدمع، يقسم وسادتنا. النائم على مسمار الأيام، مُدمى رأسه بفقدكِ، الأكثر حضوراً في النفسِ.
(10
تعرفتُ إلـى مـوسيقاكِ وهـي مُـتجهة إلى الصحـراء، بمشاعـر غيمة مُخلصة في المشهد. صباحات الطيور المختبئة من الليل، نهرني صوتكِ عن الطيران فبقيت مشاعري تُمطر الروح، في الصحراء.
(11
أنتِ الهاربة والعائدة إلى الأمكنة ذاتها باستمرارٍ تجمعين الـمـواسـم، وتحصدين القدر الأكبر من الحب، ومن دعاء المُصلين عند الفجر، عند الظهيرة. وفي المساء، تبقى الطيور مُسترخية على أغصانكِ.
(12
شجرة إخلاص***
مُؤمَّنٌ عليها في النخل، سَرَّني لسان المُغادرين، ودعاؤهم لكي تصبح أماً
لكلِّ (عذوق النخل).
(13
من فرطِ ما بيني وبينكِ، تتسع رغبات الأزلي المُصاب بكِ.
يوقد ناره على المقربين،
أن يهشموا الأعصاب الباردة التي سعت في اتساعنا،
من فرط الأشياء التي تركناها صرتُ الجذورَ.
(14
يأتون كالندرة
متذكرين
جفاف شفاههم
واختفاء السحر
عن أحاديثهم
الأصدقاء خارج السور
لأن الحارس
أقفلَ الحديقة
في الثامنة مساءً
(15
هذا وقد أبلت بلاءً حسناً، في المواجهة. الشجرة أظنها
آمنة من الريح
_____________________________________________________
*المناه : كلمة بالعامية تعني قناة لجريان الماء
** الفريج: الحارة
***شجرة إخلاص: شجرة رطب
*نص: أحمد العسم
*من ديوان: لم يقصص رؤياه