في التابوت مع النص – أحمد العسم

الطموحُ لديَّ مَجروح

في كتابةِ نصٍّ طويل

تمرُّ عاصفة رملٍ تحت أضلعي

المسافاتُ في عقلي

بتضاريس مختلفة

أفكّرُ بقدمي واكتمالي لحظة انتهاء

الكتابة


في التابوتِ

الدودُ يأكلُ من أطراف النصّ

تآكل استمرارنا في الحبِّ

تدخلُ الوَحشةُ وتُطبق على الأنفاس

وأي تداعٍ آخر

يحررُ القلبُ دموعه ونبكي

الحقيقة وجدانية

كلُّ دمعةٍ وداع حار

ممكن مشاهدة وقوفي

من على الأبراج

بجانب المقهى الشعبي

الصياد في القارب

يدعو السمك الملوَّن للحضور

الشمس تُضيف للقارب

ميزة مُختلفة

القلقُ يضرب بقوة

على الصياد

الذي يمضي وقته على الماء

بعيداً عن المرأة التي تُعيّرهُ بفشلهِ

في الحزن

كيف أعود بكلِّ هذا الوهم؟

الألم يستخدم أدوات ظلٍّ جديدةٍ

أحررُّ الحقيقة في داخلي بتقبلِ ارتفاع الحاجز

الحجر الضخم في الطريق

مُنتهى الضرورة

أن تذهب بحيرتكَ هادئاً للمغامرة

وتتأقلم مع الأسلوب الجديد في التعايش مع العُزلة

الخاسرون لا يعودون لبيتٍ

أصغر من أن يضمهم

لا تختلفوا يا أصدقاء على مكان التابوت

هنيئاً لكم


لو وضعوا الرسالة في زجاجة،

سلَّطوا عليها

الضوء من بعيد،

لأنَّكم لن تحتاجوا

إلا إلى نصف ما تنظرون

الظرف غامض والزهور بدأت تَختفي


يا أصدقاء قبل ذهابكم للنوم هرباً من شمس

الظهيرة

ابعثوا أحداً منكم

إلى مكان الوقوف

لعلَّه يرجع لكم بخبر

ليس هنا ما يمكن أن ترموه

وقد عرفنا مؤخراً

أن البحر ترك أصدافه مفتوحةً

أعطى المراكب مهلةً لمغادرتهِ

وتراجع إلى الوَراء


على فكرته يظلُّ

عازف الناي وحيداً ومستمرَّاً

يرى في عزفهِ الخلاصَ

عوَّدنا على التحاورِ

الحياة تستدعيه

وهو يخفض لها قلبه ويتجاوز

لكنَّه على إصراره القديم

ينكفئ كلَّما فشل في الحب


لا وجع

إلا في تلك التي تركت الرغبة هواء

على الهدوء أن يصمد


عليك أن تواجه انعطافاتك

وتجد منفذاً للعاطفة


الرغباتُ حقيقيةٌ

أودُّ أن أبكي

حيث الفندق المقابل مثلي لا زوار له

اقترابكِ مني يناسبني

في هذا الوقت العصيب

كي أضمكِ في الزاوية

أستطيع إبقاء الكلمات

عند رفع رأسكِ

حتماً ستجلب النهاية تربتها

هم يبحثون عمَّا نقوله للنص

كي يجدوا رجلاً دون هدف

يعود إلى البيت وينام دون نَبض

أحببتكِ دوماً حتى إني لم أكن

مرعوباً في تلك الليلة

حين كان الرقيب ينصتُ

وددتُ في الليلة ذاتها لمَّ الأحلام

والغياب


الآن أشعر بهزائمي تتراكم

أي سببٍ حزين في بطني

أجلسُ في منزلٍ صغير

وسط العدم

بنيته لامرأة كلَّما تلهفتُ للقائها

ذهبتُ إليه

أسمع صوتكَ أيُّها الألم

أتلمَّس انتباهي

لي رغبة الاستسلام للعمر

والمكوث في زاوية

ظهري على الجدار

منفصل التفكير

شارداً يشار إليه

الرجل ذو اللحية الكثيفة

الذي بدأ يتجمَّد


لم يعد الوقت أبيضَ

أعبّر عن دهشتي

أتسللُ إلى البيت بهدوء

أدفع الباب ولا أحد يسألني

عن سبب تأخري في العودة

دائماً كنتُ أشعر

بأنَّ الحرية خيط رفيع

الذاهلون من عودتي

أسرعوا لغرفهم

وعادوا بحواسهم الخمس


إنَّها الحياة

تنزل آخر الوقت

بعينين مفتوحتين وتری

أفكاري الغريبة التي تفقد ثقتها

تمدُّ يدها وتقطف من الفراغ

أشياءً ضخمةً


لا أعرف تماماً بعد السقف

هل الهواء مروحة؟


الأوراق المفعمة خيالاً

اليد التي تكتبُ النصّ.. العقل الذي فكر

الرتابة في قلة التنشيط

الحركة الدائمة

(الأبجورة) خافتة

الظلام يسيطرُ


بهدوءٍ دخل العيد

والملابس في الخزانة

النصُّ طويلٌّ ومتآكل

لكنني أحاول استعماله

حتى لا تفقد التهنئة قيمتها

العيد هذا دون أنوثتكِ يظل بلا أثر

أطل في مثل هذا اليوم على زجاجة العطر

عندما تبادلنا الرائحة

كلما حملت كيساً من وقت الفراغ

عرفت بأني جاف

ولا قيمة للجلوس أمام التلفزيون

الذين كانوا سبباً أمسكت بهم الوردة


مثل رجل غريب الأطوار

يجلس في البيت من العاشرة

يزعج المقربين بصوته في الغناء

اشتريتُ قفصاً وتركتُ الباب مفتوحاً للحرية


في كلِّ مرة أستيقظ فيها

أضحك من الظروف

أجد رأسي يضع احتمالات عديدة

في هاتفي الجوال

تنظرُ في عيني المرآةُ


*نص: أحمد العسم
*من ديوان: وسط بعيد

زر الذهاب إلى الأعلى