خدوش
سأفتحُ عيني
الحلم قشعريرة
أتوسّل الهواء أن يتجنبني
لا حنين لرجفةٍ أخرى
سأدعها مطمورة في الجِلد
حتّى أرى عودتي بمفاتيح أكثر برودة من هزيمة الباب
سأفتح عيني
لأحصر أشقياء الليل في جُمجمتي
وأدقق أيّهم شجَّ مؤخرة الرأس ودفن ثقلاً
سأحمل نصف رأس وأخسر الحلم
الممراتُ لن تسألني إن كنتُ داكناً كوحشة
أم وحشاً يسحب الدبيب ويخرج
النظرات التي تخطفني
أيها كانت؟ الطمأنينة نائمة إلى جواري أتلمس شيخوختها
الفأس
الدفن
العابرة
وكيف أواري خدوشاً تركتني غابة تسيل
من مسافة شجرة تتفحّصني
لا ألقي تعباً رؤوماً يلوذُ بقدمي
وهدة السير غبطة للحجارة
الظلُّ لم ينتظرني
حين جلستُ
أسند قدميه إلى كتفي
الشمس جيفة لا تعرف كيف تهرب رائحتها
الحشائش أسماك صغيرة
والسجائر علَّمتني أطيل النظر بوصتين
وأترك للوجوه غشاوتها
يتلبط النسيان
وتُحرق المراكب.
مخلب ينقض
اخرجوا من رأسي
لن تجدوا فازة آشورية مكسورة ولا أمشاط حجريَّة
أريد هذه القيلولة
المنام عجوز نتن
المستنقعات دون جزيرة قمامة للوقوف
الثلج يعبث بالخارج
في منامٍ طويلٍ أمشّط شعر أسواق ملبك
أدخل حانات بلا منافذ للخروج
وأسمح لنفسي أحياناً
أن تنظر في أقدام كثيرة تسير وتعرف كيف تعود
الخباثات تهدّمت
من كثرة ما أصحو في الظلام وأصطدم بالجدار
العاشرة في مقهى للعاطلين
المنام بقرة ضرعها صديد
أحاديثهم مغسولة بالبيرة والدُّخان
أراقب أزرة السترة كي لا تتفلتَ أعضائي إلى مقهى مجاور
الريبة أخلصتْ، خامشتني في سرير خيبةٍ واحد
بلغتُ معها لذة اللذة، ولما أزل مديناً لها
أتحسس عضوها الرّطب بلساني
كلّما شممتُ رائحة الآخرين
المنام مخلب ينقض
المزيد من الغفلة في الظلام
يفتح موسيقى جنائزيَّة على المشهد
من الطابق العلويّ
أرى فظاظة ينجّرها الليل
ويركبها الخارجون صباحًا.
كالجبل
أدركني الصباحُ
مبتلاً بإيقاع طبولٍ بعيدة
الأحلام أوصدت حاناتها
وأنتِ تنامين بجانبي ببطنٍ كالجبل
تذكّرت صالة السينما في جانب الرأس الأيسر
والتي نحولها إلى مقهى بالنهار
تذكرت معمل الألوان
وحديقة الحيوانات الكسولة
خلف قفص أحمله في جزئي العلوي
تذكرت مرجوحتان معلقتان من كتفي
ولم أتحرك
لم أبحث عن شيء
كان لا شيئاً سميكاً يحجبني
رأسي يدور، رئتي مشوية،
ورائحتي تصعد،
تصعد كحجارة منفوخة بالأرق
ولكن بطنكِ كالجبل
والخوف ذئبٌ ينهش الانتظار.
الشارع على حين غرة
أمشي في الشارعِ لا أدركهُ
إن كان أبيضَ أو أرجوانيًا سيضللني
الشمس ليست حارقة لأمشي كمخمورٍ
والهواء ليس سلكًا شائكًا لأخدش فيسيل الصديد
أمشي إذًا لأمسح عتب الشارع بكعبي حذاء
يتخفى صوته بين فظاظة العابرين
شارعٌ يدركُ سرَّ خَطوي المتثاقل
يعرف أن هذا المشطوف باللاجدوى مهيأ للانفلات
وعاء بالٍ من القمح المسوَّس
أحملُ كفّيْن ساهمتيْن ظلتا زمناً تدفع جدراناً خلفها جبال
أمشي كمن يسمم الهواء بحضرتهِ
لا أعرف من المشي سوى أطرافٍ تتأرجح،
وشارع يلهم عابريه المَقاصد،
نهايته بحيرة
تطبخ فيها الأسماك
والعابرون أعشاب
تعلق بين الصخور.
*نصوص: أحمد كتوعة
*من ديوان: كما أشاء