(1)
كلّما لَفني التيهُ
ودَثرني بعباءته السوداء
كلّما نادَتني المنايا
تأتي يدُكِ مِن بعيد
يدُكِ الصغيرة
ويأتي معها الفجر
بأشعته الفضية
ليفقأ عين الظّلام
وينتشلاني من الموت الذي يحوم حولي
مثل صقرٍ جائع
أنا الطريدة الهاربة
بلا وجهة
من رمية الصّياد
لا الصّيادُ ملَّ من مطاردته
ولا أنا تعبتُ من النجاة.
(2)
أيّتها المدن الكبيرة والعالية
بقصورك وعماراتكِ التي تناطح السّحاب
تشبثي بنا
نحن الذين بلا بيت
بلا عائلة
ولا عنوان
لا وجهة لنا على التحديد
هائمين في البراري
منذورين للمخاطر
نركضُ لنجدة نجمة يلاحقها الظّلامُ
وقمرٍ يلفظُ أنفاسه الأخيرة
على جباهنا كُتبَ التّرحال
كختمٍ على جبينِ مؤمنٍ
أيّتها المدن الغافية وقت الفجر
مرغمين نغادرك فجرًا في العربات الأخيرة
بحكاياتٍ غير مكتملة
وصرخاتٍ موؤدةٍ في مقبرةِ الرّوح المظلمة.
(3)
سعيدٌ أنا اليوم،
ولن تستطيعَ كلُّ مصائب العالم وفواجعهِ
هزّني أو النيل منّي.
سعيدٌ أنا اليوم،
وكلُّ ذلك سببه أنّي زرتُ حقلًا،
ومشيتُ طويلًا بجوار سنابلهِ
كلُّ ذلك سببه أنّي دخنتُ سيجارًا
وأنا مستلقٍ على خضرتهِ
فتعالي يا أحزان العالم
تعالي يا تعاسةَ التعسين
تعالي ودعي الفقراء والمساكين
دعي المغضوب عليهم ومن ضلّوا طريقهم
تعالي لأهزمكَ اليوم بسعادتي.
*نصوص: علي ضمد