الجميع يريد امتلاك راديو أمي الصغير – أمينة الصبيحي

لا أدري كيف فاتني شراء هاتفٍ بلا راديو
لقد عاينتُ الهاتف جيدًا قبل شرائه
لكنّي لم أنتبه..
اعتدتُ في الصباح تشغيل الراديو
والاستماع إلى المُوسيقى، والأخبار.
الآن، صباحاتي هادئة.
كتبتُ رسالة إلى الشركة:
“هاتفكم رائع، وبه قلم،
وفي الصندوق أشياء كثيرة،
لكن ليس به راديو.. الرجاء إعادة النظر في ذلك.
هاتفكم لا حياة به”
رسالة سخيفة،
قمتُ بحذفها..
لا حياة به.. إنَّه هاتف!
إنَّه راديو!
بإمكاني تنزيل تطبيقٍ ما من المتجر
والتوقف عن النواح.
لكنّ الأمر لم ينجح..
كنتُ أسيرةً لشبكة الواي فاي!
وشعرتُ بأنّ رأسي مُكبَّل بطريقةٍ ما.
فشكوتُ الأمر لأُمي.
قالت لي: “لا تشكي همّك.
خذي الراديو الخاص بي بجانب رأسي.”
راديو صغير،
على شكل جروٍ بنّي اللون، أحمر الأنف.
وبه مصباح يُضيء عتمة أيامي.
يؤنسُ وحشة صباحاتي.
حملتُ الراديو،
كمن رُزق بمولودٍ جديدٍ الآن.
وأبي ينظر إليّ
وإخوتي ينظرون إليّ..
حَلُم الجميع بذلك الراديو.
لكنّه أيضاً،
وبعد عدة صباحات مُتتالية..
توقف عن التقاط الإشارات
وبدأ بالنُّباح.
حاولتُ إسكاته
وتغيير موضعهِ.. لكنّي لم أنجح.
وضعتُ كوب القهوة جانبًا
برنامجي الصباحي على وشك البدء..
والراديو يمتنع عن العمل!
توقفتُ عن أكل قطعة البسكويت..
انتظرتُ الوقتَ المُلائم
واتصلتُ بالبرنامج الذي أستمع إليه دائمًا.
أحتفظُ برقمهم في ذاكرتي
حتّى لا أضيع
“صباح الخير” قالت المذيعة
لم أستمع لما قالته
لكنِّي قلتُ لها: اشتقتُ إليكم. أنا الآن بلا راديو، وأتمنى لكم السلامة.
قاطعتني: خففي عن نفسك. لا بأس بحياة بلا راديو.
أغلقتُ الهاتف مباشرة.
وضعتُ رأسي بين يَديّ
واحتضنتُ الجروَ الصغير.

*نص: أمينة الصبيحي

زر الذهاب إلى الأعلى