قصيدتان – أحمد فضيض

شقٌّ صغير

كانَ شَقٌّ صغيرٌ على الأرضِ ما بيننا

كان شَقٌّ صغيرْ

قلتُ، ملتجئًا ليديكِ:

«تُرى، لَيْسَ شيءٌ خطيرْ!»

كان شَقٌّ صغيرٌ، وكنتُ أُعَدِّيهِ في قُبْلَةٍ،

ثمّ صِرْتُ أعدّيهِ في خطوةٍ،

ثمّ صرتُ أعدّيهِ في قفزةٍ،

ثمّ قد ظلَّ في خاطري،

مثلما كانَ من قبلُ،

شَقًّا صغيرْ

كانَ شَقٌّ صغيرٌ، وفكّرتُ أنّي سأغرسُ ..

في الشقِّ لي، زهرةً

كَبُرَ الشَّقُّ .. قلتُ: سأزرعُ حقلاً من الياسمينْ

كَبُرَ الحقلُ .. قلتُ: يزيدُ اشتياقي، يزيدُ الحنينْ!

سَقَطَتْ بعضُ أشيائنا فيهِ، في غفلةٍ

بعضُ أوهامِنا ..

بعضُ بضعِ سنينْ!

سَقَطَ العمرُ في لحظةٍ

سقطَ البحرُ في لحظةٍ

سقطَ الفجرُ في لحظةٍ

سقطَ الصَّوْتُ، في شَقِّنا، والصَّدَى

وذَوَى الياسمينْ

كانَ شَقٌ صغيرْ!

••

صَنَاع

يَدَاكِ صَنَاعٌ .. يَدَاكِ صَنَاعْ

مُنمنمتانِ كسُنْبلتيْنَ  ..

ودافئتانِ كَبَطْنِ البِقَاعْ

تُغنِّي يداكِ كقُبَّرةٍ في الحقولِ ..

وتجري يداكِ إذا فاضَ نهرُ الشعورِ ..

وتستحيلانِ سحابًا رقيقًا ..

ونقطةَ نُورِ

وتحتجبانِ سِرَاعًا سِرَاعْ

يَداكِ صَنَاعْ

تُنسِّقُ آنِيَةَ الزهرِ، تَسْقِي الخُزَامى

وتخبزُ كعكَ الصباحاتِ

ترسمُ وجهَ الأحبّاءِ

تكتبُ للأصدقاءِ التحايا

وتلمسُ أَيْدِي الحَزَانى .. فيَبْرَا الحَزَانى

وترتاحُ في راحتيْها حمامَهْ ..

لتبكي وتبكي، بغير انقطاعٍ

بغير انقطاعْ

يَداَكِ صَنَاعْ

وإنْ كسرتْ أظْفُرًا، دونَ قَصْدٍ

وأحرقتِ الخبزَ من دونِ قَصْدٍ

وحطّمتِ القلبَ، من دونِ قصدٍ

تظلُّ صَنَاعًا .. تظلُّ صَنَاعْ

..

وإنْ كانَ قلبي!

زر الذهاب إلى الأعلى