أيُّها الشِّعرُ هبني السَّلام – جاكومو ترنتشي – ترجمة: الرداد شراطي

أيُّها الشعر

أيُّها الشعر المُنفلت، دُم رفيقي رجاءً!
يا روحاً حنوناً، أنتَ خَلاصي الوحيد
كُن شاهداً فوق صَليبي
حين يَخرُسُ صَوتِي.

تَسجُنُ العتمةُ القلبَ، يهنُ الجسَدُ
مندفعاً يَجتاحُني سباتُ الاحتضارِ الأخير
من حشرجات الألم يُحرِّرني
دُم رفيقي أيُّها الشعر رجاءً!

يا مَقام لَحني الوحيد إنِّي أعزل
مُدَّ لي يدكَ
بعد هذا الهدِّ المتوالي
هبني السَّلام.





شُفوف


ما لهذا الليل بلا عَتمة
ولا مَسالك
سفينة تائهة فقدتْ معابرها هذا الليل
ما هذا الضُّمور الذي يَسكنني
لمَ تودِّعونَني على عَجلٍ؟
بالأشياء ضِقْتُ وإن غنَّت
أعزل أغني، دَمٌّ ورُفاتٌ أنا ليس إلَّا.

مُنهكاً أُجبي المَعاني،
أغوصُ عميقاً في بُحيرتي
خَلِّصني إلهي من عتمتِها!
خلِّصني مما خرُسَ لحنه
من سطوةِ الخِطابِ ويَأسِه

أيُّ حِدادٍ هذا الذي تخلَّى عنِّي؟
من أعادَ لي ما لستُ أملكهُ؟

لا وجود إلَّا لما ينقُصنا
ما يرتعدُ من أمانٍ، ما يرتجُّ من ذكريات بين رفاتكم
عبثاً يترككم؟

عتمة هي اللاعتمة
تيأس الذاكرة، تندحرُ
تهديني لحناً حادَّاً وتتركني.




صعودُ الموتى

للعتمة، للتجهّم، لغرفتكَ الفارغة
لعتمةٍ بلا ليلٍ تتوق
امح مسالككَ حين أودعكَ
لئلا أقفوها ملء لهاثي الدائريّ.

من القعر المُعتم تكره أن أنتشلك ثانية
بالهجوع في الأعماق تنتشي
لن أدعك إن توسلت إليك
سأسجنك، ليتني أعثر عليكَ في ضاحية الزمن.

في عُلبة الأيام أحجزك
أبي أيُّها الفقد، كابد لتعودَ ثانيةً
تكلَّم أو غنِّ رجاءً
حيٌّ أنا بجواركَ.

يَغمرني الجدب
تعبئني الفاكهة
لي اليَقظة والليل
أنعم في هدأتكَ، بكَ سألحق قريباً.



احتضار

ماء الرَّحمة، دَفْقَ الدَّواخل
خلّصني من صليب الخطيئة المُرتجَّة
حِينَ يغمر ذاك اللحن جسدَ الرعب
خلّصْهُ من نفَسه، انثُرْهُ في احتدام باذخٍ
ملءَ جُرحي الغامض.

بَقَايَايَ، تَخلَّصي مِن تلك الإشارة
امَّحي على عتبة مملكة الحشْر
واحضُني بطاقةٍ هشَّةٍ
الرُّعب المنثور على الجمر؟!

طويلٌ هو الليل، عسيرٌ هو الكلام
عبثاً يُطاوعني جَسدي
لإفرازاتهِ ينقاد
يتلاشى
ملء صوتِ سيلانِهِ
ملء أنينه الدائم
ينهدّ على ضفَّته المُهلِكَة

تحت الكون المختَلَّ
في رَعشتي المريضة
يتهيأ لي أني أنامُ

آلام الكون تُحاصرُني
خَلْفَ الصَّبَاح والعُشْبِ
تغزوني حين آتي أعزلَ

لم أبكِها منذ زمن، لم أنتشِ
خُضرة الذاكرة، بدَاخِلِي تَحْتَدِمُ
نِهَايَةُ سبتمبر جَذلى

لِمَ الهواءُ قلقٌ ويانع
لابساً كلَّ الأسماء، يملأ غرفتي
عن وعودٍ وزلَّاتٍ يُبعدني.

زر الذهاب إلى الأعلى