أكانَ المنفى فيَّ؟ – ريناد الرشيدي

أشخاص:
بلدان:

ظلُّ ظلٍ

كل ليلة، أتركُ اسمي خارج النافذة،

حتى لا تتبعني وصايا الظلام إلى الداخل؛

إذ أنّني تعبتُ من كوني وجهةٌ لا تغفِر.

كل ليلة، تَشنقُني ديمومةُ الوعود الناقصة

لفجرٍ يُولد لغيري، ويمضي عنّي.

أُحبّ كما يحبُّ الليلُ عاصفةً،

باقترابٍ هائجٍ،

بتدميرِ صمتٍ لم يأذنْ له الفراغُ بعد.

أُحبُّ حتى أعبر أحلامي حافية –

كأنّي أعتذرُ للأرض عن خطوي؛

ثم أعودُ ناقصةً،

وبداخلي جحيمٌ من طرقاتٍ عبرتها وحدي.

كأنني ظلُّ ظلٍّ،

لا زمن له،

ولا جسدٌ يُعيده.

كأنني دعاء تخلّى عنه السكون،

لا بحثٌ فيه ولا بقاء،

وفي داخلي صلواتٌ اندثرت على مذبح صمتي.

***

نبوءةُ الركام

لا أعلم لأي جوهرٍ يتوهّج هذا الاحتراق المستتر، ولا لِمَ لا ينتشلني شيءٌ من رماده المطفأ؟! لماذا أُساق في كل مرة إلى مثواي تحت الحطام؟ كأنني وُلدت منه لأموت فيه وأبعث على أنقاضه، ثم أعود لأتذوق الاحتراق ذاته، والهدم ذاته، وكأن الدائرة قدرٌ مُقفل.

في كل التفاتةٍ تُشيح عني، في كل برودةٍ تُسدلها، في كل إيماءةٍ تُضلل الطريق، يتساقطُ جزءٌ من كياني في صمت التخاطب. هل كُتب على الآخر أن يبثَّ الصقيعَ في أطرافي الواهنة أمام سطوة ضياعنا المشترك؟ وهل قدَرُنا أن نكتفي بلغةٍ مموّهةٍ، غامضةٍ، تُبقي ما بيننا معلّقًا بين الغياب والحضور؟ أأنا مُلزمةٌ أن أنخرط في طقوسه المُبهمة حتى أفقد آخر خيوط ذاتي؟

تنكمِشُ الأعاصيرُ في حنجرتي وتتآلف مع صمته، ثم لا يبقى في النهاية إلا هياكلُ متهالكةٌ تحاول النهوض من رُكامها. سوف أستقيم، لأرى ما الذي يرقدُ تحت الأنقاض، ليس انتظارًا منّي لأُدفن؛ وليس ثورةً لانتشاله.. بل لأفهم: مَن الذي وضعني هناك أولًا؟

***

____________________

نصوص: ريناد الرشيدي

زر الذهاب إلى الأعلى