فن التصوير
“بيلوك” يحدثني عن الضوء، ويشرحُ لي
كيف أستخدمُ الظل، كيف أملأ الإطارَ
بالأشياء- كل جزءٍ في موقعِه الحسّاس.
أغتبطُ للسحرِ الكامنِ في كل هذا-
کریستالٌ فضي مثل عناقيد نجومٍ
مرصوفة في فيلم. في النيغاتيف
يظهرُ العالمُ بأسره مقلوباً،
ثوبي الأسود يصيرُ أبيض،
وبشرتي تصبحُ سوداء، قاتمة.
في الجانب الآخر.
أفكّرُ بالأشياء التي أحاولُ إخفاءَها.
أتبعه الآن، أراقبه كيف يلتقطُ الصور.
أنظر إلى ما يمكن أن يراه عبر عدسته،
وإلى ما لا يراه- أسماكٌ فضيّةٌ خلف الجدران،
الندبةُ الصفراء لكدمة غائرة-
أشياء أخرى هنا،
أشياء لا يمكن للكاميرا أن تلتقطها.
الصورة الأولى
هاهنا، أبدو عفويةً، بل عشوائية،
رغم أنني مازلتُ ملكةَ خبائي.
لحظةٌ التُقِطت كأنما بالصّدفة
صورٌ مائلةٌ على الجدران، جريدةٌ
موضوعة فوق مشجب الثياب،
قطعةُ حریرٌ باهتة تظهر من درجِ الملابس،
قميصُ نومي مشدودٌ تحت كتفي الناصعين،
جوارب سوداء، فستانٌ مفتوح الصدر،
ساقان متصالبتان بسهولة كأنهما ساقا رَجُل.
كل هذا متعمّد ومُدّبر، باستثناء الطريقة
التي بدت فيها الجدران المُزهرةُ في الخلفية
تقترب مني وأنا ماثلة أمام العدسة،
يدي موضوعةٌ بيُسر على ركبتي،
مع إصبعٍ واحدةٍ مرفوعةٍ باتجاه الكاميرا-
إشارةٌ قبل الكلام، قبل نطقِ الكلمة الأولى.
الصورة الثانية
أقفُ عاريةً، في وضعية مائلة، من أجل هذه الصورة،
ذراعي اليمنى خلف ظهري، والأخرى مسبلة إلى جانبي.
جالسةً، أرفع ذقني قليلاً، ظهري مشدود إلى الأعلى،
أشعر أن عظام عمودي الفقري تكاد تنفصل،
عنُقي يستطيل مثل طيفٍ مسائي. حين أرى هذه اللوحة،
أحاول أن أسترجعَ ما كنتُ أفكر به –
كيف أنني لا أريد أن أنكشف، رغم أنّني عارية،
كيف أنني أرتدي بشرتي كثوبٍ بلا ثنيّات.
“بيلوك” يظن أنني أصلُحُ للكاميرا،
ويواظب المجيء إلى غرفتي.
يقول: هذه اللوحاتُ هشَّة.
ويشرحُ لي كم من السهل
تمزيق هذه الصورة التي هي أنا،
وكيف أن حكاً سريعاً
قد يحفرُ جرحاً فوق صدري.
*نص: ناتاشا تريثوي
*ترجمة: عابد إسماعيل
*المصدر: ديوان الشعر الأمريكي الجديد – دار المدى