1
قاسياً كان الشتاء
“لم يكن هناك الكثير لإطعام البط.
قَلَبتْ أمي سلة الخبز رأساً على عَقِب.
راحتْ طيور البَط تزعق وبَدَا عَليها عدم الرِّضا.
كان الماءُ أسود وسُرعان ما تجمَّد.
قاسياً كان الشتاء. قاسياً كان الشتاء.
حتَّى الأموال في المَصرِف تَجمَّدَتْ.
الاحتفال مساء السبت لم يَعد ممكناً
إلا بالتناوب مرةً دون الأخرى.
2
مساء
سريعاً يمرّ الفجر، سريعاً يمرّ النهار، لكن المَساء اللطيف
يجلب معه الشَّفق، يَمضي مثل مياه الخَليج
ما بين الأشجار الدَّاكنة حيث تقف بلا حِرَاك.
من بين الأمواج على بعد أميال تَصلنا رويداً رويداً
أصوات جافّة، شَظَايا كلمات تَغرقُ من خلالِ الهَواء –
سريعاً سريعاً يمرُّ نَهارنا لكنّ المَسَاء يتلبَّث في الدفء الصَّيفي،
الدفءُ الصَّيفيَ اللطيف يظلُّ مُتلبِّثاً في الدِّماء التي سوف تُصبح داكنةً هُنا
تحت تيجان الأشجار، تحت تحديق عين السماء المَفتوحة، المَفتوحة بلا حدود.
3
سأل العجوز…
سأل العجوز: “أما زالتْ أشجار البَلوط هناكَ؟
كانت هناكَ غابات في أيامي. أما زالت مَوجودة؟”
كان يجلسُ في منزلٍ صغيرٍ في مونتيري،
ما عاد يتذكّر اللغة السويدية، يقول بضع كلمات بالروسية.
كان يجلس هناك مثل ظلِّه، بعينين
لا تُبصران راحَ يُراقب الحديقة المَحروقة –
نادراً ما كانت أمواج البحر تصل إلى هُنا، لم تجلب مَعَها جواً لطيفاً
” الأولاد من المَزارع كانوا يَرقصون يوم السبت.”
تنحنح، كانت يَداه قَلقتيْن
“مزامير القِرَب؟ أو شيء من هذا القبيل، لا أذكر،
الأشجار، أذكرها جيداً، أشجار البَّلوط الضَّخمة، الغابات،
يبدو كأنَّما كانت تقدر على أن تَمنحنا جواً لطيفاً –”
رَمَقتي بنظرةٍ يكاد يَملأها الغَضَب
كأنَّما كان يرتاب بالحقيقة. أجبتُهُ كما يَتَمنى:
“ما زالتْ هناك، وما أروع أن نَستريح تحتها.”
مرّت لحظة سكون. ثم ما لبث أن قال وقد سَرح بعيداً:
حين يتحرك الريح خلال غابة البلوط، تظلّ دائماً تذكر ذلك.
*نص: بو كاربيلان
* ترجمة: نزار سرطاوي