الهواء عندما يمرّ
يأخذ معه كل الصّوت
كَم منَ الموت نحتاجُ بعد؟
لأموتَه كلّه، وأريحَ البَحر
إنّني أريدُ الحدّ الأقصى من الذّنب
كي أعودَ كخطيئة
كي أروحَ كغفران
كي تنسى المراكب أنّها كانت حوتًا
دونَ يونس
دون ظلمات
دون “فلبثوا”
وأنت
أخبرني لماذا تقفُ عند حافة البحر؟
وأيّ ملح ما زلت تفرك به جلدك؟
عزيزي الله
إنّني لا أفهم السؤّال
ولا أفهم الإجابة
ولا أفهم كيف تصير السماء سحابة
كنتُ أريدُ فقط أن أستلقيَ بين القمح
لينقرني الطّير الواقع
من رؤى يوسف
كيفَ صرتُ صحراء واسعة
وحيدةً على كتفِ جمَل متعب
ما من طريقٍ
إلّا وكنتَ شجرته الناقصة
ما من كوميديا
إلّا وكنتَ سوادها المضحك
ما من موسيقى
إلّا وكنتَ مقامها المتنقّل
أمرّر أصابعي في الهواء
أتحسس وجهك النائم في الضوء
عندَ الظّهيرة
كلّ القطط تنام
وتتخلى عن أحلامها
وأنا أتدحرج عليكَ
كلفافة تَبغ بين أصابع بائع خردة
في اللحظةِ التي نحبّ فيها
ندركُ بردَ الموت
والفِراق
“أحبَّ من تشاء فأنتَ مفارقه”
الله عزيزي
لا أريدُ أن أفهم
ولكن، كيفَ أشاء؟
كيفَ أشاء أن لا أحبّ ولا أفارق
كنتُ أريدُ أن أكون لقاءً
كيف صرت تذكرة سفرٍ واقعةً من محفظة
عندَ المساء
يجهزّ الليل الرّطوبة، وصوتَ المراوح
تجهز أنتَ النّسَمات الصيفية
وأنا بخّاخ الحساسية
نضحك حتّى الرابعة فجرًا
ثمّ يذهب كلّ منّا لينام في السخرية
لن نبقى .. لن نبقى
الهواء عندما يمرّ
يأخذ كلّ الصوّت
والنهر عندما ينتحر
لا يسأل عن الحصى
والغيمُ إذا ما قرّر الرحيل
لا يمكنكَ أن تستوقفه لأغنية.
*نص: بتول دندشي