في غابة دباشان* نلتقي خِلسة.
الساعة تشير إلى السابعة مساء:
شجرة تتكرم علينا بظلٍّ،
لئلا تخدش أظافر الغروب جيد موعدنا الرَّقيق.
رويداً رويداً تطوّقنا الغابة لئلا يكشفنا بيشمركة* من التل المقابل،
فيطلقُ النارَ فوق رؤوسنا احتفاءً بالعرس مفزعاً قُبلاتنا!
الساعة التاسعة:
نعبئ صُدورنا بفحمِ الشَّبقِ،
و نفتحُ العشقَ،
و نشوي القُبَل.
يرحب بنا كلبٌ هازّاً ذيله،
ثمَّة سيارات أُجرة تدور حوالينا
مثيرة غباراً في الغابة،
ينتاب أشجار الصنوبر العجوز السعال، فرئاتها مُصابة باليأس.
نسيم لا أدري من أية قارورة عطر يهبُّ يرش الدرب بالورد،
بريحانةٍ ينفض الغبار من رؤوسنا و حلمات فروع الأشجار و رموش الأوراق.
فالسواق سكارى برائحة البنزين في النهار و بالخمر ليلاً و الآن يثملون بعطر البخور، بخور قُبلنا الوَرِعة.
الساعة الآن العاشرة:
يلتهب الجسد ناراً،
نسفّد القُبَل،
ونَشوي النهود.
الشجرات الكَهلة يدرن ظهورهن مبتسمات,
و الصغيرات اللائي لما يبرز من نهودهن حجم؛
تختلسن النظر و تكركرن،
فتستحيل وجناتهن حمراء من الحياء فتحتضن بعضها البعض.
الساعة الآن الحادية عشرة:
قبل أن نغادر، نترك خوختين،
و إجاصتين،
كميَّة من قشر السفرجل
و شيئاً من قشور الثَّدي
و حُفنة حبات قُبَل قد تناثرت.
الساعة الآن الخامسة صباحاً:
الصنوبرة العاشقة تقول للعصافير:
أمس عانقتني امرأة
امرأة صوتها قوس قزح
أنفاسها عطور
امرأة
عيناها نهرا مَغفِرة،
ذراعاها نهرا لبن،
خُفّاها عشب داكن.
ثم تقول الصنوبرة لليمامات الرشيقة:
أمس عانقت امرأة رجلاً،
شعره ضوء القمر،
صوته أنين كلارنيت.
أيّ رجل!
كان يشبه شاعراً لا حاكماً،
عاشقاً لا شُرطيّاً،
دَمه أكثر خضرة من دمّ الصّنوبر.
تقول فراشة لنحلة:
أمس عانقتُ امرأة العشق،
أية امرأة!
أصابعها من خيوط الكتَّان،
راحتاها أساور حلوى،
امرأة!
ستيانها مليءٌ بالتوت الشَّامي،
لباسها الداخلي مليء بالنُّور.
الساعة الثامنة صباحاً:
معذرة! نسيتُ أن أروي لكم أنَّه بالأمس وقبل أن نودعَ الغابة رأينا أشجار الصنوبر عاريةً ترتعشُ لذَّةً.
*دباشان: منطقة غابات في السليمانية، كردستان العراق.
*بيشمركة: القوات العسكرية الكردية
*نص: قوباد جليزاده
*ترجمة: حميد كشكولي