قصةُ الوجه الآخر للتكوين والخلق، قصةُ آدم وحواء برؤية جديدة يرويها عاشقٌ يتخلى عن إرثه من التحكم والاستبداد كذكر، من أجل أن يكون جديراً بأنثاه.. وصفٌ بديعٌ لقدرةِ امرأةٍ مكبلةٍ بقيودِ المجتمع المجحفة أن تمنح رجلاً حريته وتعيد له توازنه فقط إذا هي أحبته، حبُّها حوَّلَهُ من طاغيةٍ بالوراثة إلى أسيرٍ مترنم بالرقة والعذوبة، حكايةُ ما يحدث إذا وقعتَ في الحب، وما يحدث إذا أحبَّك أحدهم.
دينا فياض
إنها القصيدةُ التي يستجيبُ فيها بهاءُ المادة، لجمالِ الكلمة>
جاك بيرك
هذه قصيدة حياة؛ بل الحياة. اقرؤوها كدواء دفعة واحدة حتى إن كنتم أصحاء. إنها أروع قصيدة حب؛ لو قرأها العالم أجمع لما ماتت على الأرض وردة.
وليد النبهاني
مختاراتٌ من القصيدة:
يدي يدٌ لكِ ويَدُكِ جامعة.
حَسَرْتِ الظّلَّ عن شجرة النَّدَم
فغسل الشتاءُ نَدَمي وَحَرَقه الصّيف.
أنتِ الصغيرة كنُقطة الذهب
تفكّين السّحر الأسود
أنتِ السائغـةُ اللـّيـنـة تشابكتْ يداكِ مع الحُبّ
وكُلّ كلمةٍ تقولينها تتكاثف في مجموع الرّياح.
أنتِ الخفيفةُ كريش النعام لا تقولين تعال،
ولكنْ كُلّما صادَفْتُكِ كُلَّ لحظةٍ أعودُ إليكِ بعد غيابٍ طويل.
أنتِ البسيطةُ تبهرين الحكمة
العالمُ تحت نظركِ سنابل وشَجَرُ ماء
والحياةُ حياةٌ والفضاءُ عربات من الهدايا.
أيُّها الرّبُّ
إحفظْ حبيبتي
أيُّها الرّبُّ الذي قال لامرأة: يا أمّي
إحفظْ حبيبتي
أيُّها الرّبُّ إلهُ جنودِ الأحلام
إحفظْ يا ربُّ حبيبتي
مَهِّدْ أمامها
تَعَهَّدْ أيّامها
مَوِّجْ حقولها بعُشب الخيال
اجعلْ لها كُلَّ ليلة
ليلةَ عيدِ الغد
***
يا حبيبتي
أُقسِمُ أنْ أكون لُعبتكِ ومغلوبكِ
أُقسِمُ أنْ أحاول استحقاق نجمتكِ على كتفي
أُقسِمُ أنْ أسمع نداء عينيكِ فأعصي حكمةَ شفتيكِ
أُقسِمُ أن أنسى قصائدي لأحفظكِ
أُقسِمُ أن أركض وراء حبّي وأُقسم أنّه سيظلّ يسبقني
أُقسِمُ أن أنطفىء لسعادتكِ كنجوم النهار
أُقسِمُ أنْ أسْكُن دموعي في يدكِ
أُقسِمُ أن أكون المسافة بين كلمتَي أُحبّكِ أحبّكِ
أُقسِمُ أن أرميَ جسدي الى الأبد لأُسودِ ضجركِ
أُقسِمُ أنْ أكون بابَ سجنكِ المفتوح على الوفاء بوعود الليل
أُقسِمُ أنْ تكون غرفةُ انتظاريَ الغَيْرة ودخوليَ الطاعةَ وإقامتي الذوبان
أُقسِمُ أنْ أكون فريسة ظلّكِ
أُقسِمُ أنْ أظلّ أشتهي أنْ أكون كتاباً مفتوحاً على رِكبتيكِ
أُقسِمُ أنْ أكون انقسام العالم بينكِ وبينكِ لأكون وحْدَتَه فيكِ
أُقسِمُ أنْ أُناديَكِ فتلتفت السعادة
أُقسِمُ أنْ أحمل بلاديَ في حُبّكِ وأنْ أحمل العالم في بلادي
أُقسِمُ أنْ أحبّكِ دون أن أعرف كم أُحبّكِ
أُقسِمُ أن أمشي الى جانبي وأُقاسمكِ هذا الصديقَ الوحيد
أُقسِمُ أنْ يطير عمري كالنّحل من قفير صوتكِ
أُقسِمُ أن أنزل من برقِ شَعْرِكِ مطراً على السهول
أُقسِمُ كُلّما عثرتُ على قلبي بين السّطور أن أهتف:
وَجَدْتُكِ! وَجَدْتُكِ!
أُقسِمُ أن أنحني من قمم آسيا لأعبدكِ كثيراً.
***
آمنتُ منها يا ربّ
هي تُشرق فأستنيرُ بك.
…
غصنُ حُبّنا
يُورق الغابات والأنهار
يُورق السعادة
يُورق الحرية
يُورق زهر الخبز
يُورق خبز الزهر
وغصنُ حبنا إليك
يَحمل يا الله
من قاع النهر الجريح
يحمل العالم
ثمرة
مُغتسلة بشوك التوبة
يحمله بفَرَح إليك
والنهرُ ضحكة
ولونها وردة
هذه قصة الوجه الآخر من التكوين
أكتُبها
***
يا ليلُ يا ليل
إحملْ صلاتي
أصغِ يا ربُّ إليّ
أغرسْ حبيبتي ولا تَقْلَعْها
زوّدها أعماراً لم تأتِ
عزّزها بأعماريَ الآتية
أبقِ ورقها أخضر
لا تُشتِّت رياحها
أبقِ خيمتها عالية فعُلوُّها سهلٌ للعصافير
***
اسمَعوا
لا تُغلقوا الأبواب
الموجُ يحمل الرسالة إلى الريح
والريحُ إلى الشجر
والشجرُ إلى الدفاتر
***
في اليوم السّادس
جَلس الله يتأمّل
قال:
“خلقتُ كُلّ الأشياء الجميلة وأنا أملِك سِرّها
لكنّها بحاجةٍ إلى مَن لا يملك سِرّها
فتكون له جنّة ويكون لها دهشة.”
وخلق اللهُ الإنسان
ذكَراً وأُنثى خلقه
لأجل أنْ تبقى السماوات والأرض جميلة
في سَعي من لا يملِك
في ارتباط مَن لا يَربط
في دهشةِ مَن يعرِف ولا يَعرف
في سلامِ من لا يهزّ سلاماً إلاّ لتسقط منه تحيّة
هي حُرّيّة من لا يعرف أنّ اسمها حرّيّة
في سعادةِ من أُعطيَ جَسداً في شكلين
ليُعطى جميع أشكال السعادة.
***
مَن تكون التي أُغنّيها؟
أقول هي وأُريد أنتِ
أجمعهنَّ فيكِ لأنّكِ المفردة
ولا وجود لهنَّ إلاّ فيكِ.
من تكون التي أُغنّيها؟
حبيبتي التي رأيتُ الشمس تحت عينيها قمراً في نهر تحت صفصاف
المجنونة لأنّها الملكة وعَطْفُها اختار الفقير
المجنونة لأنّها الكلّيّة الجَمال الصالحةُ تماماً
الخارقةُ الطبيعة تَرَجَّلتْ بين الأنقاض لتُشفق عليّ
المرأة الواحدة الضابطةُ الكلّ
الدُّرّة المصقولة بتَوالي عذاب الأجيال
بكمال وصلتْ مُختارة دون نقيصة
بكمال مُختارة
ومُجهّزة بعُرس لا شقيق له
التي أندم إليها بضمائر جميع الرجال
يندمون إلى جميع النساء منذ الأزل
لأنّها وارثة البهاء المسجون في خزائن العهدين
***
أنتِ الصّغيرة كنُقطة الذهب
تفُكّين السِّحر الأسود
أنتِ السائغة اللّيّنة تشابكتْ يداكِ مع الحُبّ
وكُلّ كلمة تقولينها تتكاثف في مجموع الرّياح.
أنتِ الخفيفة كريش النعام لا تقولين تعال،
ولكنْ كُلّما صادَفْتُك كُلَّ لحظة أعودُ إليكِ بعد غياب طويل
أنتِ البسيطة تبهرين الحكمة
العالم تحت نظركِ سنابل وشَجَرُ ماء
والحياةُ حياة والفضاءُ عربات من الهدايا
أنتِ هِدايتي يا ألله أضِفْ عمري إلى عمرها
يا حبيبتي أنتِ الوجه الآخر من التكوين
يا حبيبتي أنتِ الحقيقة
يكون بكِ انفعال وحكمة لي
يكون بكِ لذّة وكرامة
يكون بكِ جُنون ولجوء
***
منكِ أتعلّم وأنتِ لا تُعلّمين
كيف المَنيعة بالحُبّ تحرس لقاتليها الحياة
كيف المنارةُ صغيرة والعتمُ كبير وكيف تفرشه الصغيرة
كيف ذات الرّفق عظيمة لا تشكو وكيف الله
أعطاها الخوف علينا
وترك للكاذبين الخوف.
***
احفظْ يا ربُّ حبيبتي
مَهّدْ أمامها
تَعَهَّدْ أيّامها
مَوّجْ حقولها بعُشب الخيال
إجعلْ لها كلَّ ليلة
ليلةَ عيدِ الغد
***
إلى أنْ تُصبح جَدَّةً عتيقة مثل كُبرى شَجَرات الزيتون
أطِلْ أيّامها يا ربّ
وجَدّدْ ثمّ جدّدْ أرضه
آمنتُ ولذلك أطلب
طلبتُ ولذلك آمنت
آمنتُ منها يا ربّ
احفَظْها باركها
هي تُشرق فأستنيرُ بك.
***
أُحبّكِ فكيف لا أُحبّ صانعكِ
أُغنّيكِ لنفسي وأُغنّيكِ عن العالم
فالتي تُعيدني إلى سيّدي تُعيد العالم
والتي تُحرّرني وهي المُكبَّلة بأهلها وشعبها
تُحرّر العالم
والتي تلمسني أنا المُعتّق في الخطيئة نِعْمَتُها
تلمس نعمتُها العالم.
***
كيف أُعطيكِ فلا يغرق عطائي في عطائك
وماذا أُعطيكِ
يا صمتَ تفجُّر العطاء؟
ما أقلّ حُبّي يظنّونه كالسَّيل ولكنّي عرفتُ أنّ صوته أكبر من صمته.
ما أهديتكِ شيئاً إلاّ اهتدى بكِ.
***
أصغِ يا ربّ إليّ
اغرسْ حبيبتي ولا تَقْلَعْها
زوّدها أعماراً لم تأتِ
عزّزها بأعماري الآتية
أبقِ ورقها أخضر
لا تُشتّت رياحها
أبقِ خيمتها عالية فعُلوُّها سهل للعصافير
عَمّرْها طويلاً كأرْزَة فتمرّ مواكبُ الأحفاد تحت يديها الشّافيتين
عمّرْها طويلاً كأرزة فتجتاز أُعجوبتُها مراكزَ حدود بعيدة
عمّرْها طويلاً كأرزة فتتبعها مثل توبتي شُعوب كثيرة
أبقِ بابها مفتوحاً فلا يبيتُ الرجاء في العراء
باركْها إلى ثلج السنين فهي تَجْمَعُ ما تَفَرَّق
احرسْ نجوم عينيها فَتَحْتَها الميلاد.