وجه، إلى أمجد ناصر – أسماء عزايزة

إلى أمجد ناصر


أنتَ الوحيدُ الذي تلفّتَ إلى الوراء
ولمَح وجهَه
بينما متنا أنا وهذه الجموع مفرغة المحاجر
قبل أن نعرفَ من يكون صاحبُ البلطة
التي شقّتْ ظهورنا ورمتنا في بركة الخوف
أكان صاحبُها مثلنا؟ بشريًّا بفم قادر على الابتسام ومُقلةٍ قادرةٍ على إفراز الدمع؟
أنتَ الوحيدُ الذي رفع غرّة الله
فرآنا لأوّل مرّة، ولآخرها
أنا من بين هؤلاء الذين رأوا وصمتوا
فماذا سيكون عقابي؟
رأيتُ الشّوك وقلتُ ما هو إلا وردٌ غاضب
والشرّ؟ أليس خيرًا يائسًا؟
لماذا إذن نُدفع إلى اليأس دفعاً ثمّ نُتّهم في قفصه؟
ومن هؤلاء القضاة الذين يدقّون رؤوسنا بمطارق الأخلاق؟
دروسُ الكاراتيه في الصّغر لم تصنع منّي مقاتلةً، كذلك الأحزابُ الماركسيّة
أنا مجرّد كتلةِ لحمٍ دراميّةٍ تحلمُ بالقفز في بركةٍ من الحلويّات والحبّ
سلّمتُ بضاعتي
ولم أقبض ثمنها
أسرفتُ سنين من شبابي وأنا أردّد: دولةٌ واحدة من النهر إلى البحر
النهرُ المقدّس الذي شقّه فدائيّون ببساطيرهم صار مصبًّا لمثانة ٧ مليون إنسان
والبحرُ فرّ هاربًا كجنيّة
أسرفتُ قصائد عالية الدقّة عن الوحدة والسكون
وأنا أكتبُ بياناتٍ عن الظلم حتى صار ماءً
وعن الحدود حتى صارت بيتًا
وعن الدم حتى صار مهرّجًا في سيرك
ولا زلت أبحثُ عن هذا الذي مدّ يده إلى جيبي وفجّر منبع النّهر
وجهي محاطٌ بماءٍ مدنّس
ولا قدرةَ لي على الرؤية
اعذرني إن لم ألتفت
وتركتكَ وحيداً كما تُترك الضباعُ في ليلها
تلتفتُ إلى الوراء
وربّما
ربّما
كان ذاك وجهي.


يمكنكم الاستماع لإلقاء مميز لهذه القصيدة في حلقة بودكاست مقصودة، والاشتراك لمتابعة حلقات الإلقاء والنقاش التي تقدمها ببراعة فرح شمَّا وزينة هاشم بيك.


*نص: أسماء عزايزة

زر الذهاب إلى الأعلى