إنسانٌ مصنوعٌ من كرات الثلج
لا يكون هناك للدفء المحسوس به في أيّ زاوية من العالم إيقاع شامل لحيوان صحراوي نُفي في صدرٍ قطبي. تُنسى فراشات الربيع ولا أحد يتذكر كيف تنمو الزنابق إذا كانت كل الوديان ثلجية؛ عندما تنسى الأقدام طريقها إلى المنزل، وتصبح الضواحي تأخذها إلى ما يذكرها بكم هي دافئة كلمة منزل، تعرف عبر باطن قدمين باردتين، حتى دون أن تكون حافية: تعرف أن ليس هناك برد مميت أكثر من البرد الذي يلمس روح المرء من الداخل، لطالما كانت اللمسة التي توخز الروح، شائكة على جسدها.
إلى أين تمضي الأنا بي
استصعبت مشاهدة ذاتي تهيم في الآمال، كنت خائفة أن يخيبها الهيمان. ولا زلت أشاهدها وأنا خائفة دون وجود القدرة على ردع ذلك. استصعبت مضي كل محاولاتي التي علقتها على سياج الحياة، في بركة مليئة بالعجز. استصعبت الرؤية العميقة التي تلمس شيئًا من الحدّة ليجرح العين. استصعبت المضي في طريق ممتلئ بالأسربة لملاحقة كلّ منهم على حده. وبعد كل هذا: أستصعبُ فكرة التوقف عن التوّهج في هذا الكتمان.
لمسة من المؤاخذات
أفقد في كل ظل بعدًا يصلني بالسحب التي تحجب كيفية الظل. أفقد في كل رؤية لطيرٍ مكسور الجناح تلك القدرة المستحيلة للتحليق، أفقد الغد في كل يوم يموت فيه طفلٌ ذو أحلامٍ قصيرة. أفقد الحقيقة في كل كلمة تعكس للحاضر الأبدية التي لا أحد سيعرفها. وأنسى تلقائية الشهيق والزفير في كل غبار يجسّد لي مأساة قديمة. تتبعثر أمامي الأبجدية حيث لا جملة وكلمة يمكنها أن تتشكّل لتقنع طفلاً تخلى عن التصديق قبل أن يكتمل تصديقه. تتبعثر القواعد أجمع في وجه انكسار لغوي عجز عن وصف الجسور التي يمشي عليها الأموات قبل أن يعيشوا. لا زلت لا أفهم كيف تسلكني كل هذه المؤاخذات حيث لا أحد هنا كيلا يؤاخذني. لا زلت لا أفهم متى تنصرف عن ذهني تلك النظريات التي لم تجد برهانًا ليثبتها، ومتى أنسى أن هنا الوجهة الوحيدة لعصا ذلك الأعمى في داخلي.
*ريناد الرشيدي، كاتبة من السعودية