الغضب في داخلي يشبه تسونامي من النار تبتلع ألسنتُه كلَّ شيءٍ في جوفي ولا تترك حتى الرماد!
إلى متى سنصرخ أو نطلب بكل احترام أو نتوسل ألا تقتلونا؟! ألا تغتصبونا؟! ألا تتحرشوا؟! ألا تضربونا؟! ألا تعنفونا؟!
منذ تكوّن الوعي المجتمعي لدي وأنا أسمع وأشاهد وأقرأ عن حملات ضد جملة الجرائم بحق النساء، تارة باسم الشرف وتارة أخرى بوسم الهراء! أسمع وأشاهد وأقرأ عن ضحية جديدة بمعدل أسبوعي منذ ٣٠ عامًا!
خلال هذا الأسبوع فقط، قتلت فرح أكبر في الكويت وهديل الحارثي في السعودية… وربما غيرهن كثيرات في أسبوع فقط!
ومليون آه من الأعذار التي تُخلق لتبرئة الجاني، فهم إما مرضى نفسيون أو مدمنوا مخدرات أو معنف في طفولته أو… وهذا الأسوء… نحن حرضنا على الجريمة! لماذا؟! لكوننا إناثًا في مجتمعات وأنظمة تقدس الكائن الذكري، وهذا التقديس إن لم يكن سببه اجتماعيٌّ فهو حتمًا يستند باطلاً على الدين!
والمضحك المبكي، حين يكون الضحية رجلاً، يواجه الجاني أشد العقوبات، وسبحان الخالق تظهر قوانينٌ من أزقة الأدراج لمنع تكرار جريمة كان الضحية فيها رجلاً… إلا إذا كان مثليٌّ أو متحولٌ، طبعًا لأنه “متشبه بالنساء” فيقع عليه ما يقع على المرأة!
عليكم أن تفهموا، يا معشر الذكوريين، أن حق العيش بأمن وأمان ليس حكرًا على الرجل، بل هو يشمل أيضًا المرأة كونها إنسانٌ، ليست شبه إنسان ولا هي أقل منزلةً وقدرًا.
لكن قبل هذا الفهم الذي يبدو أن عقولكم السميكة لم ولن تستوعبه، عليكم أن تتوقفوا ببساطة عن استهدافنا، والعثور على حجج وتبريرات لا تنتهي، تهدف كلها لإيجاد العذر للمجرم، وإلقاء اللوم على الضحية.
ألا تعلمون أنكم شركاء بالجريمة؟! هم وأنتم والمجتمع والقانون وهذا النظام الأبوي الذي تتفاخرون بوراثته من عصر وأد البنات وعروسات النيل! يا إلهي حتى عندما تحتفلون بشيء، تقتلون النساء!
حياتنا في أعينكم رخيصة جدًا؟! تقررون شكل عالمنا ولباسنا ودراستنا وزواجنا وكلامنا وصمتنا ومتى يسمح لنا بالتنفس والضحك ويجب أن تكون ضحكة خاشعة، أنتم أيضا تقررون متى وكيف نموت! هل أنتم مستمتعون بممارسة دور الرب علينا؟! هل يكتمل كيانكم الذكوري عندما تحولنا، نحن أمهاتكم، إلى عبيد؟!
لا أريد تعاطفًا ولا شفقةً منكم كلما أضيفت امرأةٌ جديدة إلى قائمة ضحايا الجرائم المتنوعة ضدنا؛ من تعنيف لفظي إلى ضرب إلى تحرش إلى اغتصاب إلى قتل! لا أريد قانونًا يعاقب الجاني بسجن بضع سنوات يخرجها بعدها بطلًا! أريد قوانينًا تمنع وقوع الجرائم ضد المرأة، تردع من تسول له نفسه ايذائنا! أريد منظومة تحمي المرأة عندما تلجأ إليها من وحش في المنزل سواء كان والدها أو أخاها أو ابنها أو زوجها، وتحرص على أخذ حقها منه! نعم أريد مجتمعٌ ودولة تجهض مشروع المغتصب والمتحرش والمنعف والقاتل قبل ولادته وانتشاره!
بصراحة، أريد أن أخرج من المنزل دون أن أسأل نفسي “هل حياتي في خطر؟ هل أنا الضحية التالية؟”
وأريدكم أن تجيبوا بصراحة على هذا السؤال، فرح أكبر، هديل الحارثي وغيرهن منذ زمن وأد البنات… {بأي ذنب قتلت} (٩ : سورة التكوير)؟