ليس بيني وبينكِ
أيتها الساحرةُ الولودُ
إلا هذه الكثبانُ من الرملِ،
وهذه الأزمنةُ المكدَّسةُ أمامَ بابي،
تقولين كلامًا لا أفهمه
وتقولينَ هذيانًا، أفهمُهُ
بسرعةِ سقوطِ النيزكِ على رأسي.
أيامٌ تتلوها أيام،
ونحنُ نحدقُ في هذا الوثن،
الممدَّدِ على أرضِ الأنبياء
أسوقُ قطيعكِ بعصا الراعي
أمامي تبكي رغباتُكِ،
وتنفجرُ كأنها قابَ قوسينِ أو أدنى
من القيامة.
نصالٌ تبرقُ في ليلٍ
كأنما لم أكن عائدًا من أسفارٍ سحيقةٍ
حينَ ارتميتُ في ظلالك الثكلى.
***
وكما تكرُّ الفصولُ على الصحراءِ
في شكلِ ذئبٍ وحيدٍ
وفي شكلِ مئذنة،
تنحدرُ الرمالُ من الأفقِ الشرقيِّ
المحاذي لبلادِ الأحباش
حيثُ السحرةُ ينادون بعضهم
بأسماء مستعارة.
لقد فتكت بها الرياحُ الهوجاءُ
وأمَّها البِلى
كديارِ أحبِّةٍ غربت للتوِّ.
أسمعهم ينادونني باسمي المستعار،
أن اغرب عن وجهنا
لستَ منِّا ولسنا منكَ.
وقد ناديتهم قبلَ ذلكَ
أمواتًا وأحياءً
أن اغربوا عن..
لكنهم ظلّوا يحدقون في جثَّتي
طوالَ أزمنةٍ، ويغرزونَ مخالبهم العمياء.
وقالوا لكَ نغلُ السلالةِ
وظلَّوا ينثرون الإشاعاتِ حول قبرِ جدِّك.
***
قتلى يملأون الصالةَ
ويشاركونني السريرَ وغرفة النومِ
حتى قنينةِ النبيذ.
أراهم يتآمرون في قعرها
ويضحكون،
محدِّقين في جثتي
بعيونٍ، يبدو من أشكالها، أنهم قدموا
من كلِّ جهاتِ الأرض.
عيونٌ ملؤها الخيبةُ والتذكر
وكنتُ أسمعُ نداءهم منذ الولادة
يأتيني عبرَ قوسِ الأثيرِ
لطفولةٍ جبلية.
أسمعُ غناءهم الصاعدَ من الأجداث
طيورًا بيضاءَ تخبطُ سقفي،
طيورًا عاتيةً وأليمة:
تلك أرواحهم في سفرها الليليِّ
نحو الأحبِّة.
ينادونني باسمي
أن ارحل من واحة الجنرالات
فمثلكَ ليس نبيًا
ولا أوتيَ رأسَ الحكمة..
***
*نص: سيف الرحبي