بول شاوول-أيها الطاعن في الموت (مختارات من الكتاب)

I

رأيته وافداً بين أسراره
أي ظلام في الكون
خلف الظلال العين الراعبة
والوجه المشقق يملأ الجذوع
تلك القامة الوافدة تخرج من الجدران
ألحان حجرية تواكب خروجها من
الأشياء إلى الأشياء

رأيته وافداً والطير تهرب من
قرع خطواته
انه حجر انه حجر
ماذا سنفعل بوجوهنا المحفّرة على الحديد
قد نتقاطر أمام دفع المركبات
لكنه الصهيلُ الذي يجمِّد المرتفعات
تلولبْ! الرمل عميق

لكنه يأتي مع العواصف الحجرية
هاجس في دوران الأرض
هاجس في حدود البحر
ساقط بين العناصر والنسيان
قامة تتسع للطيور والفضاء

من سيخفي أجنحته أمام
نذير قدومه
من سيكسر الكؤوس حتى لا تبقى
دمعة للذكرى

رأيته وافداً بين أسراره
يطوّق المدينة بذراعيه ويمحو بنظره
طرقاتها وأحزانها

II

وقف بين المنعطفات بعدما فقد الدرب الواحدة
«ماذا يعني أن ننتظر الشهب»

حملق أمامه لكنه ارتدّ
«ماذا يعني الانهيار»

بسط كفيه ورفع عينيه إلى الفضاء
«هل يمكن أن تعلق عيناي هناك»

وماذا يمكن أن ترسم خطاه
بعدما أغلق على جسده بوّابة الوهم
تقدم كي يحفر أكثر في الرمل
ومن دون أصوات تمدد على خطاه
هنا الأرض بلا جماهير
والرمل غزير
فلأتعمقْ في الرمل

ماذا في يديك أيها الواقف بين
المنعطفات
عاجزاً في الوحدة وأمام العيون
كيف ستحزم خبايا الحدائق أو بعاد
الأجنحة
وتوّحد أصواتاً غلغلت في القاع
والأجساد

مسبوقاً تجري وبلا أنفاس
هنا الأشجار للذكرى والواحات تعد
بالرحيل
والطفل الذي يقطع من هضبة إلى
حزن يحلم بالوقوف
لكن أرق اليقظة يخطف المسافة من
دون انبهار
ماذا عن اشتعال الصبح والنساء
والجري
سبقناك حتى انتفاضِ الرقصة
الخطرة
سوف نلقاكَ تحت مطر السكون
والحشرجاتِ الطويلة.

III

بعدما انحدر آفلاً مع الثلوج
راثياً أيام الضفاف والأجنحة
(لكم ارتفعت جبهته بين البروق
واللحظات)
(لكم انتصب بين الأوراق والدموع
العالية)

«تدجين الموت في الركض بين
الضفاف»

الثقب في الصخر كيف لا يفتح
السماء والكلمات

مدٌّ على وجه البحر
حفرٌ في النهر
أي عين تنسدل على ايقاع الجسد
بين الفصول
أي ثانية لا تشق الثمرة حتى الندامة
أي زمن لا يرفع بوق الظهيرة ويلمّ
الأطفال.

IV

تندسّ في صراخك نجمةٌ كانت
قد سقطت طويلاً على وجهك
كل هذه العصافير تتشقلب غاويةً
طيرانَك
وسهوبَك على مدّ السنابل والجبال

هذه الطعنة في جريك هذه الطعنة في جريك
وماذا لو تمددت على أطراف الحلم
أو نفضت أرق اليقظات من عينيك
بعدما تتهاوى على مدارك أعمار

أو قرع للصمت في كفاياتك أو اضغاث
بسمات تبقّع الفجر وتتلو المراثي

آه لو تعرف قبل أن تسقط

سبحان اليقظة المتهوّرة والمشاعل
المشرعة
سبحان الخطوة التي تتمدد عليها
بعد الورود التي تملأ الصخر والجذوع
تشك في مسراك النجمة الهاتفة
بالخطر

وستنخطف أنت من بلقع الرمل كي
ترسم
أشكالاً للزمن والذاكرة
(الموت لا يعرف المراثي كأنه صديق
الرايات والجباه)
وستحفّر في تربتك كلماتٍ لا تنتهي
وأنفاساً تسحّب من المواقد
حتى تنتصب
رافعاً رأساً كالجرس بين الرؤوس
المنكّسة

رافعاً أطفالاً يشهقون من اليأس
والقطعان تغطي ثلوجك
تفلت على المرتفعات أحصنةً لا تعرف
المسافة
وطيوراً أكبر من الشموس
ولو هتفت أن انتهيت انتهيت
تصبح واحداً بين المرايا
حتى تتسمَّى الأشياء من جديد
نهباً للنار.

V

وسموّ الأزمنة في لفتاتك آن تشرئب
ثقيلاً بين الحرائق والينابيع
ذاك الجسد الفلتان عبر مجاريه
ويقظاته حتى يتلامس النبض

خفراً مع مسرى الينابيع واهتزاز
الثمر الملآن
ما أعظم السقطة التي تنهض مع
الأوراق

سموّ في المنحدرات
يا ساحب الذكرى بعد الضفاف والهينمات

تنضمّ إلى حجارتك وعيناك مغلقتان
على
أعز الأموات والورود
فلننشطر في وحدة المأساة
على كل جبهة بريق نهاية.

وكل الجباه حزمة تحت الفؤوس واللمع

سموّ في الانتكاسة والرعب
ملحمة تواكب الشعوب الساقطة
وحدها الدموع العالية بين الأمطار

قرع واحد أو موت أو يقظة بل كل الهتاف
جرف كالأسلحة يحدد حركاتك
كأنما سوف ترفع سياجاً للماء والسنين
والأغمار تتلو المراثي والصلوات

VI

ولا تتحمّل الظلمة في عينيك
آن تهوي عليك طيور تغرز في الأعماق
أو صيحاتٌ تفسّخ بياض الثلج
كأنما برق لا ينقطع فوق السرو والبلاد
آه لو انحنيت
ولكم أخفيتَ مقتلة في الليل
وعيناً رازحة تحت الجمر
ومن الجسد اللاصق بالرمل كيف
تولّع الزهرة
أو تُذيب العبرة
لترفع عنقاً للموت والمرثاة
حتى الحلم لو كنت من خفاياه
لاستدار على الحرائق والخسوف

VII

الشجرة المخمورة والظل السادر
اقترب في انحداره حتى التصق
بالضفاف فأي سكون يرفع حركاته
حتى الأشياء المعطوبة تهيأت لكلمات
عالية
(هنا تحترق الأجساد وتنتصب في رمادها)
ولو تقدّم الوجه الملآن على لمع
القامات والهواء
هل ستفزع إليك حرقات غصَّت بحنين القمم
أو ترسل بين الأغمار أعلام المدن
وحدك رمح الريح في تناسل العناصر
تحفر في الرمل وتحدّق في الجباه

لعلَّ تنبسط على القسمات سعادة
البحيرات

كيف تروي أنك تحصى الجوع
وتنتحب
كيف تروي أنك ترثي الجسور

الشجرة المخمورة اشتعلت في الموت
وهزت أغصانها أصواتٌ أيقظت الخشب والتراب
الشجرة المخمورة دارتْ وامتزج
الحلم بالسكون
حتى هتفت أنت الشعلة الشعلة
ولن تجرؤ شفة أن تزرقّ أمام الهتاف
أو تغلق عين

الظل السادر يعزف في غرف النوم
والمقاهي
وعلى الأرصفة ويلملم أوراق الكلمات
خذ – خطوط مستقيمة توجز الركض
خذ – أصابع تتحرك على الأعمدة

الشجرة المخمورة والظل السادر
اقترب في انحداره حتى صار
واحداً مع الضفاف
فأي دمعة جديدة ستنسلّ بين السواقي
وتسبق السهل والمنحدرات

تعليق واحد

  1. بكل احترام…النقد هوالنقد ولامكان للمجاملة…..الأفضل أن يسمى نثرا وماهو بالنثر ،لكن من المؤكد أنه ليس بالشعر ، عبارات متقطعة والرابط بينها ضعيف ، تقديم وتأخير ليس له داع ، لجأ إليه ليعطي جوا من الغموض المفتعل ، وهناك استخدام للألفاظ لايستقيم مع سياق الجملة ، والأهم من كل ذلك غياب الوزن في النص مما يلزم أن يعوضه بالإيقاع والجرس الموسيقي والذي غاب أيضا عن النص، وقد لجأ إلى حيل فاشلة لايهام القارئ بذلك….والكثير الكثير من الملاحظات….

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى