صباح الخير، هل تراني من تلك الفرجة الضيقة من بين العمارات القبيحة المرتفعة؟ لماذا تحجب عني سماءك، القط الأعرج الصغير لم يستطع أن يتفادى السيارة المسرعة فحظي بميتة سريعة دون ألم،عندما حملت كرسي السفرة الخشبي الثقيل لأصل به الى البلكونة وأحاول مد رقبتي لأرى سماءك من بين العمارات، هل تظن أنني بذلت كل هذا الجهد لأجلس على الكرسي وأبكي؟، كنت أستطيع البكاء في الحمام أو على سريري أو حتى وأنا منهمكة في غسل الأطباق، لماذا لا تنثر سماءك حولي وتهبط بها قليلاً حتى أراها وأراك. أنا لا أجدك حولي ولا أجد أمامي سوى مطبخ الجيران الذي يصل إليه نظري عبر حجرة معيشتهم الممتلئة بضوضاء التلفزيون الصباحية.
هلا نثرت سماءك حولي مثل دمى قطنية كبيرة على شكل أمي وزوجي وبناتي، دُمى قطنية لا تطلب مني أن أتوقف عن البكاء وأن أذهب للصلاة أو أتذكر نعمك علي، أنا أذكر كل شيء لكني لا أستطيع التوقف؛ البكاء ينمو داخلي كشجرة لبلاب متسلقة تنضح أوراقها بالدموع لتخفي عني الجدران الجديدة الملونة والستائر التي تشبه تماما تلك التي أعجبتني في الصورة.
الطفلة ذات الشعر المموج التي كانت تخشى الولد الشرير فتعطيه شطائرها حتى لا يتركها على باب الحضانة ليأكلها الأسد، تكتب الآن مقالات تبث فيها نصائح للأمهات لحماية أطفالهن من الأشرار، مقالات ربما تسجل معدلات الأعلى قراءة لكنها لا تصل أبداً للقراء المقصودين بالكتابة.
مقالات على مواقع افتراضية لم تدون على الأوراق أبداً حتى أنني لا أستطيع جمعها لأصنع منها طائرة ورقية أعلق فيها رسائلي اليك أو أصنع منها صواريخ أسددها في مؤخرات الأشرار والجارات الثرثارات والأسد الذي سيأكلني، بالمناسبة القط الصغير الأعرج الذي أخبرتك عنه بداية الرسالة لم يمت ها هو مازال يقفز ويشرب من برك المياه الصغيرة وأنا مازلت أحاول مد رقبتي لرؤية السماء ورؤيتك.