إلى مروة أبوضيف – سارة عابدين

بعد أن أترك نظرة أخيرة بين الأعمدة الرفيعة للسرير الصغير، وأطوي الذكريات الرقيقة في دولاب الزمن، وأخفي بعضها بين أغطية الشتاء الثقيلة قبل أن تفر من الذاكرة، على أنغام الموسيقى القديمة ورائحة المطر، تخزن المرآة ذكرياتي رغماً عني لتقذفها في وجهي وقتما ترغب هي في ذلك.

المرآة الطيبة التي أرى فيها نفسي، القلقلة تخبرني أن الذكريات ستنتظرني في نهاية شارع العمر المقفر، لتذكرني أنه لم يكن مقفراً تماماً.

شجرة اللافندر الصغيرة التي أزهرت من زجاجة زيت الأطفال في درج الكومدينو المجاور تطغى رائحتها على رائحة الزمن العجوز، على فروعها تنبت ثمار النوم، لكنها دائماً ثمار غير ناضجة كثمرة مانجو تحتاج بعض الوقت لتطيب، أحتاج أنا أيضاً كثيراً من الوقت لأنجو وأواصل نومي وأكمل أحلامي المبتورة.

بناية قديمة بشبابيك مرتفعة تطل على منور رطب.

شارع مرصوف، الأشجار تصطف على جوانبه ومحل دونتس صغير في نهاية الشارع مع أعمدة إضاءة بلمبات صفراء و…ومطر.

نافذة مشرعة على حياة قديمة وامرأة تلضم الخرز الملون للاشيء.

ألا ترى أن سيناريوهات أحلامي محكمة، وخسارة كبيرة أن أفقدها دون أن تكتمل، أحلامي التي تتقاطع الآن مع بكاء الصغيرة لينتهي الحلم قبل مشهده الختامي.

أحاول حبس الحلم وألتقط له صورة مشوشة تضمني مع صغيراتي، لكنني لا أتوقف عن التفكير في النهاية.

أنا من أولئك الذين لا يسعهم أن يستمتعوا بمشهد النهاية، ياصديقتي لا توجد نهايات سعيدة، والكادرات الحميمة في الصور غالباً، تخفي وراءها دموع وغضب ومصور مجهول يأمرنا بإمالة رأسنا لليمين قليلاً مع ضبط مساحة الابتسامة.

صدقيني، ليس هناك كثير من الوقت قبل النهاية، لذلك أضع رأسي بداخل الوسادة وأحاول نسيان كل الفرص الضائعة وتجاهل بكاء الصغيرة.

آه، أعلم أن رسائلي الأخيرة لم تخصك وحدك، أرجو أن لا يغضبك هذا؛ أنت لا تحب الشركاء، لكن مروة ترد على رسائلي أسرع منك.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى