ابتهال
وأنت، يا بحار..
1
وأنتِ ، يا بحاراً، كنتِ تقرأين الأحلامَ الأكثر اتساعاً، هل
ستتركيننا ذات مساءٍ إلى منابر المدينة، بين الساحة العامة،
وعناقيد البرونز؟
.
أكثرُ رحابةً، أيها الحشد، مجلسُنا على هذا المنحدر من
عصرٍ بلا انحدار: البحر، هائلاً وأخضرَ كفجرٍ في شرق البشر،
.
البحر معيّداً على أدراجه كأنشودةٍ من الحجر: بَيْرمَونُ وعيدٌ
على تخومنا، صخبٌ وعيدٌ بعلوِّ البشَر – البحر نفسه سَهرُنا،
كأنّه إيذانٌ إلهيّ…
.
عبير الوردة المأتميُّ لن يحيط بعد بسياج القبر؛ الساعة
الحية في النخيل لن تُسكتَ بعد روحها الغريبة.. وشفاهنا الحية هل
كانت أبداً، مرةً؟
.
في نيران اللجّ رأيت الشيء الكبير المعيِّد يبتسم: البحر
محتفلاً بأحلامنا، فِصْحاً من العشب الأخضر وعيداً يُعيّد،
.
البحر كله يُعيِّدُ عيد التخوم، تحت مصقرتهِ من الغيوم الكثيفة
البيضِ ، كمنطقةِ عبورٍ وكأرضٍ موقوفة، كإقليم عشبٍ مجنونٍ
قُومِرَ به…
.
اغمز، أيها النسيم، ولادتي! ولتتّجْه رعايتي إلى ملعب
الحدقاتِ الأكثر اتساعاً! حراب الظهيرة تتمايل عند أبواب
الفرح. طبول العدم تنحني لمزامير الضوء. والمحيط، من كلّ
صوبٍ ، يَدُوسُ عبثه من الورود الميّتة،
.
وفوق شُرُفاتنا الكلسيّة يرفع رأسه الوالي!
*
ترجمها عن الفرنسية أدونيس
من كتاب: منارات (الأعمال الشعرية الكاملة)
دار المدى، 1999