إنه فخٌ،
تلك الحياةُ فخٌ متقنُ الصدفةِ،
أنظرُ فى تلك الهوة السحيقة فى جسدى ، مثلَ بيتٍ بأعمدة خرسانية فقط ، لا جدرانَ تغلف ضلوعَ صدرى المفتوحةِ على القصف العشوائىِّ فى الخارج
أنا لستُ لى،
أنا سلعةٌ …يتداولُنى العالمُ كأسهمٍ فى البورصة ،
أنا المادةُ الخام التى تحتكرها الشركاتُ متعددةُ الجنسيات ،
أنا فريسةٌ ساذجة لذئابِ الدعايةِ الإستهلاكية ،
أنا ربحٌ مؤجل ،
أنا جنديٌّ احتياطي،
أنا رقم عشوائى فى أرشيفات المواليد،
رقم فى كشوف الإنتخابات،
جسدٌ مجانى يمكن اصطياده بسهولة فى أزمة المجاعة،
أنا وطن للأوبئة ، خلايا مكدسةٌ بالفيروسات ، لحمٌ يأكله السرطانُ ،أنا جغرافيا مهمشة،
أنا منفىٌّ فى الهامش ، أنا لغةُ العشوائيات ، مصباحٌ مكسورٌ فى زقاق معتم ، بركةٌ من الدماء فى ساحة جريمة افتراضية ، أنا فائضٌ من قطع الغيار البشرية ،
أنا جواز سفر محشور بين أنياب العواصم ، أنا رملُ الصحراواتِ الفاصل بين كل دولة ودولة ، أنا الدمُ المراق على الحدود السياسية للمستعمرات ، أنا لا أساوى ثمنَ قذيفة ، أنا رخيصٌ مقابل برميل من النفط ، أنا جاهز للإشتعال كفتيلِ حربٍ أهلية ، يتيمٌ فى مدينة من الثكلى والعجائز والأرامل ،
لا اسم لى ، أخرس حين تستجوبنى الحياة : من أنت ؟!
أنا أعمى كرصاصةٍ فى مجزرة ،
أبكم كطفلٍ رضيع يبصر مجئ الموت فوق جنازير الدبابات ،
أفسحُ لكل تلك المقابر قلبى ، أنا أرضٌ شاسعة من الحزن ،
ودمى يكتب الآن كلَ أسماء المفقودين فى حرب وجودية مع العالم ،
أنا جغرافيا بديلة لكل المسحوقين الآن بوطأةِ الإغتراب ،
أدخلوا مدينةً خلقتُها من عظمِ جسدى ،
واكتبوا أسماءَكم على كل ضلعٍ ،
وانتظروا …مثلَ صبارٍ عجوز ، مسندين ظهوركم على جذوعِ الوقت ،
أن يأتى اللهُ ، كطيرٍ خلقتموه من طينِ أصابعِكم.
231 دقيقة واحدة