عقل العويط-حياةٌ من جهة الموت

أشخاص:
بلدان:
Alfred Manessier
Alfred Manessier

كان عليَّ أن أذهبَ لأرى الحياةَ من جهة الموت
أعني من جهة الحب
كنتُ أوحشَ من فلاة فذهبتُ ورأيتُ.
في العادة يكلّلني تاجُ اليقظة يضعني تحت التردد
لكن الشمسَ ضربتْني
صعقتْني دورةُ القمر
تيّمني إلهُ الوحدة لم يوفّرني جنوح
جرفني النوُّ أكلني البصر
فحسرتُ جميعَ خوفي خلعتُ كلَّ ملْك
أحببتُ الغفلة وارتميتُ في الجبّ.
… “لا سماءَ أعلى من خيالي”
تقولين أيتها الأوراق
فاستجبتُكِ وانتميتُ
لكنْ ما أرعبَ أني حيث تقيمين
ما أصعبَ أني في الحياة
كنتُ القتيلَ وهذا بعضُ ما يُراق منّي
لا فرق عندي إنْ كنتِ تصدّقين
يا حياةً من جهة الموت
ولا أسهلَ الآن من أن أعودَ القهقرى
لكنْ ما أقلَّ الخارجَ ما أقلَّني خارجاً
ليس لي حيلةٌ لأتملّصَ ويقيناً لا أريد
فأعطيني سلامَ أن أعطي
لعنةَ ما لا أعرف.
حين صعدتُ الى أعلى شجرة
لم أزعم بقاءً في رحابِ القمم
أنتهك أُنتهَك أتوقّع من يُخطىء وهو يرديني
كي أدركَ كيف تقترب المواعيد
كي أصلَ باكراً الى الوقت
أو كي يتناساني الوقت
فما أجملَ وما أطيبَ
أضع يميني على الصفحات لأكتبَكِ
بزواج الإلفة والرهبة ولكنْ ليس بالاعتياد
بوحشية الغريزة وبما لي من حدس
أوحّد ما تبدّد لا أوقف نزفاً
مألوماً أفتح ينابيعَ لا أبلسم عشقاً.
الحبُّ جميلٌ الوحدةُ جميلةٌ أيضاً
في قفيرِ الجحيم تصنعين عسلكِ
فاضفريه بنعمة أن يؤكلَ.
أرنو إليكِ من عتمتي ومن تعبي
فمدّي إليَّ لأخرجَ من عهدةٍ الى عهدة
تحت سقفِ غيومكِ أنتظر
لأسقي الوجهَ والفؤاد
لا يقتلني الوقتُ لا يقتلني سواكِ
يمهّدني بياضُكِ ويهيِّئني
بالعدوان أتقدّم
تحتَ الجمرِ تحتَ الكلمات
فمن فرط ما أُعطيتُ وما أُعطيتُكِ
إمنحيني عنفَ حنانِ العبور
كي أستحقَّ
لا ضجراً أناديكِ بل لاكتمالِ الفصول
لكنّ جحيمكِ تُسقمني وجمري لم يعد يحتمل.
لم أترك قسوةً إلاّ أنزلْتُها بظلّي
جعلْتُني جلاّدي وقاتلي لأغدو لا ضحيةً بل قرباناً
أودعتُ حياتي كي لا تكونَ على مقربة
نزلْتُ بها الوادي السحيق كي تدملَ القاع
قتلوني قتلتُ الجميعَ
كي يعيشَ في معزلٍ عني
أكلني ذئبُ الصمت تركني موحشاً تحت الأسرار
لكني فعلتُ ما فعلتُ كي لا يُفسدَ النشيدُ العالي نبرةَ شقيقِهِ الخفيض
أسكنْتُ لغتي عتمةَ النهر فعلْتُ هكذا بجسدي وأفكاري
أهملتُ النثرَ ومديحَ الحياة كي لا أعلنَ معنايَ
كنتُ كلّما هممتُ بكِ أيتها الأوراق
عَرَتْني شهوةُ الخوف وغريزةُ الكسل
الى أن محوتُ كلَّ شعرٍ يبتسم لي.
تملكين بياضَكِ وليلَ خيالي
فافعلي ما تشائين بحكمة النقائض
إجمعيني بكثافة القتيل حين يرى
أطلقي سراحَ الينبوع
إصنعي من نقائضي ثمرةً للحياة المكتوبة
ولا تنسَي أن حبركِ هو ما أتذكر من هجرات نفسي.
****

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى