تسونامي
هناك قبور تسقط في البحر
اليوم تحديداً أتذكّر جميع أمواتي، أتخيّلهم معاً.
في باص ذاهب في رحلة إلى البحر، معي طعامٌ مُعَدّ وقلقُ الأمواج.
المحيط الهادئ سيبتلع جزر المارشال،
في يوم ما يتوجّب على سكّان هذه الجزر أن
يرحلوا في قواربهم بنفس الطريقة التي غادرتُ بها طفولتي آخذاً معي أشيائي.
باص يأخذني ويعيدني دائماً إلى نفس حطام- السفينة،
إلى نفس الحافّة حيث أركض إلى الداخل مع أموات تعيدهم الأمواج إليّ.
■■■
حلم الابن
كان يا ما كان في قديم الزمان:
عاش ملايين المرّات مع الشمس
انحنى ببطء مثل سنبلة قصفها الناس المتنزّهون أثناء مرورهم.
الكلمة مسجونة داخل البذرة الأكثر عقماً ومزروعة في خطوط الأحلام المحروثة.
كان يا ما كان في قديم الزمان:
كانت البراءة تفور من الجميع ومن اللحظات الساخنة
مثل بركة أسماك
لا تستطيع التمييز بين وجوهها
حيث يتشظّى الضوء وتومض العيون.
كان يا ما كان في قديم الزمان:
طفلٌ التقى مع ابنه
يلعبان، يتناوبان أحدهما يركض والآخر يحاول إمساكه.
■■■
تيِّموس*
“أعطني المزيد من الوقت والحياة” روبرتو مونزون.
أعطني المزيد من الوقت والكلمات،
الريح تُطفئني حين تشعلني
وجذر غريب عميق مشتعل
يغوص في الأعماق دون أن يريني ناره.
أعطني المزيد من الوقت والكلمات،
الصمت والصدأ
لا يستطيعان مقاومة مضائك:
سينبت اللبلاب من جديد
انتَظِرْ
البداية والسِحْر
انتظر.
وحيد جداً
لا تجبرني على أن آخذ القلم وأن أغْرزَه ببطء في حنجرتي.
(تيِّموس: أحد مكوّنات النفس عند أفلاطون، ومنه تنبع الفضيلة والطموح لتأكيد الذات، وجعل مكوّنات مدينته الفاضلة، الرغبة والعقل والتّيموس. المترجم)
■■■
بحر مراهق
(إلى بيتو، من الطفولة)
البحر هو الشيء الوحيد الذي لم يكن لدينا
لكن من المعروف أنه يمكن أن نجعل
الغائب والمفقود حقيقياً يملؤنا ويهدينا البسمة.
عندما كنا نفتقد أمواجه كنا نصعد جبل موموتمبو بحثاً عن الخليج
النظرات نوارس هائلة تستمر في الرحلة حتى تنطفئ الشمس، ثم تسقط محترقة في الماء.
ثم يتوجّب أن نعود في المساء إلى القرية وأرجلنا تطقطق من الخوف.
جبل أوديسيوس*
يهتز من فكرة أنه من مكان ما بين هذه الغابات خرجنا نركض من أسفل البحر.
(أوديسيوس: ملك إيثاكا، صاحب فكرة حصان طروادة، رفض العودة مع الجيش الذي دمر طروادة وشق طريقه في البحر وتاه فيه عشر سنوات قبل أن يعود إلى وطنه وزوجته. المترجم)
■■■
ألبوم
آنتيباتريو قتل ابنَه آرس
آرس كان ابن آنتيباتريو
أنتيباتريو ابن فيليمون
فيليمون ابن آركاديو
آركاديو جد آنتيباتريو.
نزف آرس ومات
آرس ابن آنتيباتريو
آركاديو الجدّ الأكبر لآرس مرّة قتل أَيْلاً وشرب دمه.
كان لفيليمون ولد وحيد هو آنتيباتريو
آنتيباتريو حين كان يراه عائداً فيختبئ
كان يعود فيليمون والد آنتيباتريو
فيليمون الابن السابع لأركاديو.
آركاديو مرّة قتل أَيْلاً
الغزال كان ابن آركاديو الذي يخرج معه للصيد.
الجميع يقولون إن بولفيمو كان يشبه الغزال، لأن بوليفيمو كان يركض ولا يستطيع أحد إمساكه.
بوليفيمو كان ابن آركاديا
بوليفيميو كان أخ جدّ آنتيباتريو.
بوليفيمو تدخّل لحلّ المشكلة بين أبيه
آركاديا وأمّه تيرنسيا
أركاديا كان يريد أن يضرب زوجته تيرنسيا
وتيرنسيا كانت تبكي
قال لها بوليفيمو ألّا تمكّن آركاديو منها؛ ولذلك لم يغفر له.
آرس حلم بأنه كان يصطاد مع كهل يشبه والده
آرس حفيد حفيد حفيد آركاديو
آركاديو والد فيليمون
فيليمون والد آنتيباتريو
آنتيباتريو والد غزال دمه حار ويرغي.
■■■
Leteo (نهر النسيان)*
دائماً هناك مطر على بعض النوافذ
عواصف الحنين والشوق سوف تمر وتختفي كما يختفي الميت داخل الكفن.
سوف يمر السيرك ومعه الإمبراطور بثيابه المرقّعة الملوّنة والراقصة التي أحببناها بين التوازن على الحبال ورمي السهام تصعدُ درجها وتهرب من ثقب في خيمة الزمن.
هناك شخص ما سيكون
الميت الذي يحمل أمواتاً
الذي يشرب نخب الحنين أمام بطاقات البريد.
الذي سيكون النوتة الذهبية للشتاء في الصناديق المعدنية لفرقة السيرك والأبواق.
(إشارة إلى نهر كيتس في الأسطورة الإغريقية، حيث ترحل أرواح الأموات في قوارب مع “آخْرُون” قابض الأرواح، ليعبر بها إلى عالم الأموات، ويجب على الأرواح أن تشرب من هذا النهر لتنسى حياتها الدنيوية. المترجم)
■■■
طبقات
في داخلي
تُدفَنُ الكائنات المنقرضة
الشائعات والوشوشات الخطيرة حول الذي سينتهي قريباً
المشاهد الطبيعية المُسْتَهلكة في عيوني
الصوت الهشّ المسافر
إيماءات الأسماك
في طبقات الحبر المتحجّر.
بين الجمال والدهشة كم هي قصيرة
مواسم الرومانسية
مجرّد أُحْفورة.
مجرّد فقاعات نجمة تنفجر في الليل وينهار الغموض والسحر الذي حُفِرَ بخشونة
مثل منجم في الروح.
■■■
فاصل
رأيتُ كلّ إشارة
في كل وردة معدودة في اللحم
في الصباحات
في غريزة البقاء على قيد الحياة
في خطوات القطيع على الجسور الصدئة المهتزّة
في العميان والرائين العرّافين
في الإثارة والذعر في أيدي الحزانى
القابضة على عملاتهم المعدنية.
كل شيء
كل شيء كان نتيجة القصيدة
وليس نتيجة الحياة
الحياة كانت وقفة في القصيدة الصاخبة
الحياة حركة بطيئة تقود مباشرة بلا انحراف نحو قصيدة أخرى، ترتفع ثم تغوص
أثناء هذا الظهور المتكرّر تترك
ريحها ليسكن الشمس والحدس الأكيد
وأنفاسها لتقوية الحدس بمحاولة الظهور مرّة أخرى في فعالية ثانية.
■■■
رأيت الخبّازين
بانتظار وصول كتائب العدم واللاشيء
نُنظّف الأسلحة
نشدِّد الحراسة
وخلال الاستراحة
نقتل بعضنا بأسلحتنا.
■
في كل ساحة فارغة
كنتُ دائماً السائح الأخير الواقف على قدميه المشدوه قبالة تمثالك.
■
رأيت الخبّازين يدسّون قطع الزجاج في الطحين ويعجنونها ويرقّونها.
عندما يكون البحر فضِّيّاً مثل برّاد اللحّام، تعبر أرغفة النبي أيوب الكبيرة أرخبيل الساحل
وجميعنا نتلو مزاميره.
عندما يلتحم البحر بلوحة السماء الثابتة
تبدأ الشرارات الحلوة تثقب السماء
بقايا خبز أيوب اليابس مصنوع من طحين النجوم التي نقرتها اللقالق.
في هذه الساعة
أحد ما يُقسِّم الخبز
طفلي جائع
يمدُّ يديه بنفس طريقة دفعه قواربه الورقية بعد المطر.
فابريكو ايسترادا
شاعر وفوتوغرافي هندوراسي من مواليد عام 1974. من مجموعاته الشعرية: “سداسيات المطر” (1998)،
“قصائد ضد الخوف” (2001)،
“ومضات” (2004)،
“قصائد أمواج قصيرة” (2009)،
“أسماك البيرانا البيضاء” (2011)،
“جنوب الظهيرة” (2013/ الصورة)،
“عودة إلى المنزل” (2015)،
“الثورة 33 لرودريغز”
(2018). وعدة كتب مختارات من أعماله، آخرها: “وليم بليك يموت في باريس بسبب الباباراتزي” (2018).
** ترجمة عن الإسبانية: فخري رطروط