الشعر خلق للواقع وليس انعكاسا له؛ الشعر ليس انعكاسا للواقع بل هو إبداع للواقع ، ومن هنا يتجلى المظهر الصوفي في كتابات الشعراء العرب المعاصرين ، حيث ينكشف وبشكل واضح فى شرح الشعر بوصفه خلقا ، كما يتأكد أيضا، بالنظر إلى كتاباتهم ، وجود علاقة قرب وجوار تجمع الشعر بالفكر ، ذلك أن الشاعر يتخذ موقفا سلوكيا وحياتيا من جملة القضايا التى يطرحها فى قصائده، وهى قضايا فكر بامتياز ، الشاعر إنسان يعيش وينفعل ويفكر ويقلق. . انه يحمل فى ذاته واقعا ماساويا للوجود الانسانى ، وهو لا يندمج بهذا الواقع لكى يحقق وجودا لنفسه ، بل ليخلق وجودا ممكنا ليس لذاته وإنما للاخر ، فشعره هو بمثابة خلاص للآخر الذى اندمجت به ولأجله فى عالم الإمكان، ومن هذه المشاعر تتجسد فى الذات الشاعرة روح تختلف عن غيرها ؛ وكل إبداع إنما هو تابع لرؤيته المبنية على هذه العواطف والمشاعر والأحاسيس والتي من خلالها يرى العالم والوجود. لا يعمل الشاعر بشكل مجرد جامد ، ولا يخضع للقواعد المنطقية الخاصة بالاقوال الشعرية والتمثلات الميتافيزيقية الثابتة ،عمله كشاعر يسير وفق تجربته الانطولوجية وهذا ليس من أجل محاكاة ما هو واقع وإنما لخلق عالم آخر يبقى محدودا في الإمكان، وهو أكثر جمالية وحقيقة من عالمه الواقع .
234 دقيقة واحدة