نيكانور بارا – رسائل من شاعر ينام في كرسي، وشذرات أخرى

أنا مكتشفُ غابريلّلا مسترال
فلا أحدَ قَبْلِي كان يعرفُ كُنْهَ الشّعر
رياضيٌ أنا: أركض مئات الأمتار
في لمح البصر.
***
أخبرتُ تشي غيفارا: “بوليڤيا، كلّا”
***
اِجعلوني حارسَ المقابر
***
ليسَ خارجَ الدائرةِ إلّا أمداءٌ هائلة من الحريّة
***
الصّليبُ الآنَ طيّارةٌ
امرأةٌ تفرّج ساقيها
***
نساءٌ كثيراتُ الشّعر يركضن عرايا
***
عاصفة كهربيّة تضرب
تصل ذروتها على شاكلة امرأة مصلوبة
***
يبدو الموتى متعبين
يغطّي الثرى أقدامهم
دون أن يغادروا قبورهم
يتكلّمون بحماسٍ فيما بينهم
كرياضيّين في الحمّام.
***
الشيء الوحيد الذي يسمحون لنا بفعله
أن نتعلّم كيف نحكي على نحوٍ صحيح
***
أستيقظُ بوجهٍ كسحابةٍ تبرقُ وترعد.
***
من الصعب الإيمان بإلهٍ
يترك مخلوقاته
وحدها
تحتَ رحمة عُباب الهَرَم
وجميع العِلل
ناهيكَ عن الموت.
***
أيها الشعراء الشباب
اكتبوا كيفما تريدون
وبأيّ أسلوب تشاءون
فكثير من الدم جرى تحت الجسر
***
السّقمُ
والشيخوخة
والموت
يرقصون
كعذارى بريئات
حول بحيرة البجع
نصف عرايا
ثملات
بشفاههنّ المرجانيّة الدّاعرة
***
الحقيقة خطأ جماعيّ.
***
مِن سُحبِ الإفطار الرعديّة
إلى رعد الظهيرة
إلى برق العشاء.
***
واجبُ الشاعر
أنْ يتفوّق على الصفحة البيضاء
أشكّ في أنّ ذلك ممكنٌ.
***
يجازفُ
المسافرُ الذي ينظر خلفه
بألّا يلحقه ظلُّه.
***
لا أعرف حقّاً ما الذي يجري
فإمّا أن تساعدني
أو تطلق رصاصةً على رأسي.
***
لعلّنا في الجحيم
ولا بُدّ أنّ كنيسة
تحت ذلك الصّليب.
***
لقد أساء القساوسة
في الأزمنة الحديثة
كفايةً إلى مسائل الدّين.
***
الهواءٌ ثقيلٌ ثقيل
حتّى إنّهم يُقطّعونه بالسكّين.
***
الخَلْقُ قضيّة خاسرة
ولكنّني لن أجلس هنا فاردًا ذراعيّ
وأواصل ترديدَ نشيدي
***
المتقاعدون بالنسبة إلى الحَمَام
كالتماسيح بالنسبة إلى الملائكة
***
مِنَ الواضحِ كفايةً
أنّها ليستْ ندوبًا التّجاعيدُ
***
لا سِيَرَ للشّعراء
***
اللهُ صديق طيّب للفقراء
***
الموتُ عادةٌ جماعيّة
***
إنّهُ ليلٌ، ولكنّهُ ليسَ كاللّيلِ
وإنّه نهارٌ، ولكنّهُ ليسَ كالنّهارِ.
***
حدّق جيدًا وسوف ترى
بأنني أضحكُ دمًا ودموعًا.
***
تُغنّي قصائدنا عن مآثر
الأبطال،
وليس عن خطايا
كيوپيد في سرير ڤينوس.
***
ليسَ الجسدُ إلّا حقيبة من ترابٍ
ترابِ التّراب— ترابِ الدّود.
***
يا حَمَلَ الله الذي يحمل خطايا العالم
كَمْ تفّاحةً في الفردوس.
***
أنا الشخص ذاته في مكانين مختلفين
***
دمُ قمرٍ وضيع
يتقاطر
في حديقة غطّاها الثلج.
***
خلق الله العالم في سبعة أيّامٍ
وأنا دمّرته في لحظة واحدة.
***
لستُ من أهلِ اليسار ولا من أهلِ اليمين
إنّني أكسّر القوالبَ، فحسب.
***
كلمةٌ تتغوّط على الپيانو.
***
يا الطّائرَ بفمٍ طافح بالرّيش!
***
جوازُ السّفر رمزٌ قضيبيّ.
***
لا أريد أن أرانِي
في مرايا مرشوشة بالدّم.
***
سيّداتي، سادتي
هذه كلمتنا الأخيرة
(كلمتنا الأولى والأخيرة)
لقد هبطَ الشعراءُ من الأوليمپوس.
***
ليس الشاعرُ خيميائيّاً
الشاعرُ كباقي البشر
بنّاءٌ يشيّد جداره:
صانعُ أبوابٍ ونوافذ.
***
هذه رسالتنا الأخيرة.
نشجب الشاعر السماويّ
الشاعر الصّرصار
الشاعر الذي ينذر نفسه للكتُب.
***
نتبرّأ من
شِعر الكؤوس الدّاكنة
شِعر السّيف والرداء المطروح فوق الكتفين
شِعر القبّعة المُريّشَة
ونقترح عوضًا عنه
شِعر العين المُجرّدة
شِعر الصّدر الطافح بالشّعر
شِعر الرأس الأصلع.
***
يتوجبُ على الشِّعر أن يكونَ:
صبيّةً في حقل من الحنطة—
أوْ لا شيءَ أصلًا.
***
على الشّعر أن ينبع من ثورة الأفكار—
شِعر الدائرة السرمديّة.
***
مَن يخافُ الشّعرَ، بعد كلّ شيء.
***
كانوا يجنحونَ
إلى شِعر الشّفق
شِعر منتصف الليل
وكنّا نجنحُ إلى
شِعر الفجر.
هذه رسالتنا:
تنتمي أنوارُ
الشّعر إلى الجميع
فالشعر يعتني بنا كلّنا.
***
ندينُ
شِعر الآلهة التافهين
شِعر البقرة المقدّسة
شِعر الثور الغاضب.
***
ضدّ
شِعر الغيوم
نُعِدُّ شِعر اليابسة
أيتها اليد الباردة، أيها القلبُ الدافئ)
فنحن، بلا ريب، أهلُ يابسةٍ)
ضدّ شِعر المقاهي نُعِدُّ
شِعر الهواء الطّلق
ضدّ شعر غرفة الرّسم:
شِعر الساحة العامّة
شعر الاحتجاج الاجتماعي.
***
أنا راعي الجحيم،
الملاكم الذي غلبه ظلّه.
***
أنا الشيوعيّ، أنا الرجعيّ،
أنا جامعُ قطع النقود القديمة
***
الاستمناء بدلًا من الانتحار
***
البدر عانةُ السماء
***
ضع إكليلَ وردٍ
على قبر شاعر مجهول.
***
أنتمي إلى عصر الأفلام الصامتة.
***
السيّارة كرسي متحرك.
***
وحده الموت يقول الحقيقة.
***
أنعسُ حين أقرأ قصائدي
حتى لو كُتبتْ بالدم.
***
أحلم بالنساء طيلة الليل.
***
أنا واحدٌ من أولئك الذين يُحيّون عربةَ نقل الموتى.
***
كلّ شيء في الشّعر مباح.
***
الأفق طافح بالصّلبان.
***
احلبِ البقرةَ
وانثرِ الحليب في وجهها.
***
أتسّكع مع الجَمال
فالبشاعة تؤلمني.

ترجمة : تحسين الخطيب

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى