“لوحةٌ مُنمّشةٌ “
مُمدَّدةٌ على جسدِك
النّمشُ يَسيلُ على ظهرِك بــبطءٍ
والتّوتُ العالقُ على جلدِك
قد أنضَجَه الضّوءُ
***
الرّجُلُ الذي ماتَ وحيدًا
لم يُكن يَملك شرفةً ليَراكِ مِنها
رَسمَها على حائِطِه ونامَ
فـتحوّل الرّسمُ إلى قبرٍ
مات ولم يرَك
***
أنا أرسم بحرًا
لأراكِ تَمشين عاريةً على الرّملِ
والنمشُ يَتساقطُ
والارضُ مُمزّقَة تَحتَك
هكذا يَسحبُني ضوءُ الفجرِ
المنعكِسُ على ظلالِ نهدَيك النديّتين
وأموتُ سريعًا.
“لمَ حجبْتَ الشّمسَ عنّي”
لِمَ حجبْتَ الشّمسَ عنّي
هل ظلّي أعرج؟
لقد خدشتَ نفسَك ومزّقتَني
الآن فقط يُمكِنك أن تُغطّي الشّمسَ
بشالي
مغطّاة بـماءِ النّعناعِ
كان جلدي يَلمعُ
عيناي مثل لؤلؤتين
وشعري يَعبقُ بالقرنفل
يداي رقيقتان صالحتان للعزْفِ
وظهري مُغطّى بـزهرِ الخزامى
كنتُ معلّقةً أمامَك كـلوحةٍ مصنوعة لك كاملةً
بلا عيوب مشدودة بالمسامير من كلّ جانبٍ
خَفّفت عِبءَ الظّلِّ
وعِبءَ الشّمسِ
ساقاي كانَتا معك
كنتُ أمشي لك دائماً
لِمَ حجبتَ الشّمسَ عنّي؟
كنتُ خفيفةً كـنسمةٍ
كي لا أُثقِل هواءك
مصنوعةٌ من خشبِ الخيزران
طريّةٌ كالجّلد
ليّنةٌ كالقماشِ
حارّةٌ كالبلحِ
حلوةٌ كالسّكرِ
كنتُ لك وحدَك امرأةً
لِمَ حجبتَ الشّمسَ عنّي؟
“أشجارٌ للنّسيان”
في النّسيانِ
تَجتَمِع كلُّ نساءِ القريةِ
يَغرُسنَ أنفُسَهنّ بدلَ أشجارِ الغابةِ
يَدسُسنَ ظِلالَهنّ في جيوبِ الفساتينِ
تَتساقطُ دموعُهنّ
على الأيائلِ الشّاردةِ
تتوالى الرّجالُ بالفؤوسِ على قَطعِهنّ
أنا الرّجلُ الوحيدُ الذي لم يَحملْ فأسًا
لم يَقطعْ شجرةً
كنتُ دائمًا ما أحدِّثُ البُحيرات
عن أشجارِ الكاليبتوس داخلي
الرّجلُ الوحيدُ
الذي صار قلبُه غابةً
وأذرُعُه الخضراء
تَنبتُ في قلبِ امرأةٍ
لكنّ الأشجار عمياء
تَسيرُ نحو حطّابِها.
“عروسُ السّكّر”
حينَ غفَى الكونُ فوقَ جَديلتي
لم أكُن أطيرُ
كنتُ أوَزِّع الماءَ على الغيومِ
وأهيئ للعصافير أعشاشًا في قلبي
كنتُ ألمِّعُ النّجومَ
أغرفُ منَ البَحرِ
وأضيفُ الزّرقةَ للونِ السّماءِ
حينَ يَهبّ النّسيمُ أَنعسُ
أحلُمُ بـالكونِ يَحلُم
حينَ أفيقُ أمشي إليك
أَلبسُ القمرَ وأمشي
أمشي إلى النورِ الأبديّ
أدورُ مثل عروسِ السّكر
ساقاي من قصبٍ ليّنٍ
رأسي ميسَمُ وردةٍ
أدورُ مائلةً تحتَ ضوئك
أصواتُ الكونِ في أذُني
أرى نورَك آخرَ الطريقِ
تعالى إليّ يا مولاي
ولا تُبعِدِ النّهرَ عنّي
أنا مازلتُ عَطشى.
“خلفَ المراكبِ”
كـعُصفورٍ طارَ خلفَ المراكبِ
تَبعتُكَ …
طِرتُ معك حتّى الميناءِ
ولكنّي عُدتُ وحدي
إنّ مراكبَ الصّيّادين
لا تَعود أبدًا
أمّا العصافيرُ فـتَعود بها الرّياحُ
مَنتوفةَ الرّيشِ
مكسورةَ الجّناحِ
تَعودُ إلى الغابةِ لــتُغنّي
أغنيَة عصفورٍ وحيدٍ في غابةٍ مُوحِشة
حينَ تَعود المراكبُ التّائِهةُ
لن يَطيرَ العُصفورُ
لن يُغنّي
سيَتّكئ على الغُصنِ
ويَحلُم أن يَنبُتَ ريشٌ
مكانَ الجّرحِ.
*نصوص: عبير الكوكي