في الألفية الثالثة
سأموتُ في الشارع
لا أعرف أحدًا هنا
لا مكان أذهب إليه
الشوارع الخلفية محاقن للإبر
الأمامية للمواكب
وماكينات الصرف الآلي
لحسن الحظ
منذ ثلاثين عاماً
جميع ملابسي بلا جيوب
وللاحتياط أكثر
ألبس أحذية بلا خيوط
لا أعرف أحدًا هنا
رحل الأصدقاء
أُغْلِقَ المقهى
لا مكان أذهب إليه
لا سلام من هنا إلى زحل
الحروب تقتل الفارين منها
أكثر من المسلحين
لا أهمية لهذه الجسور
لا شيء يستحق العبور
في الألفية الثالثة
سأموت في الشارع.
سفينة يابسة
الوحدة
عندما لا تموت
في قتالٍ أو هروب
عندما لا تبحر السفينة
أو
تطير
عندما يكون الوداع
اسماً لكل شيء تعرفه
في الموانئ قبلات حارة
أكثر من موائد العشاء
في المستشفيات تضرّعات
أكثر من صلوات المعابد
في البلاد أسوار
أكثر من تلك التي في قصور الحكام
في الماء سواحل بلا عدد
وفي الفضاء دروب
أكثر من اليابسة
لا تركض
ليس هناك مكان للاختباء
لا تحاول الاستسلام
لن تستطيع
لا تبقى واقفاً
اجلس
امسح بقعة حبر من صفحتكَ
كأنَّها حبة عرق من جبينك
وعندما يتجمع ما يكفي
من الغيوم في صدرك
سيمطر جبينكَ
وتبحر السفينة
أو
تطير.
الساعة الناطقة
هنا
صورتكِ
ترفرفُ كقميصٍ مسروق
وأنا بين يديكِ
لوحةٌ لم تكتمل
مات الرسامُ في الطريق إليّ
وراء كل هذه السنوات
أنبتُ كما العشب بعد عاصفة
أنا عناقيدُ أخطاء
وأنتِ شجرةُ العنب
لم نعصُر الليالي كفايةً
نسيتْ جفونَـها الليالي
تدلّت المصابيح مشانق للظلام
والرِّبـاط بيننا شجرةٌ مُسـنّـة
نتدفـأ بخشبها الذي لا يكفي
جسديْن
أنا عناقيد أخطاء
وأنتِ تملئـينـني كما يملأ الدمُ
الجرح الجديد
المرآةُ خلفكِ
وأنتِ تمشطين شعركِ
في بياض عينـيّ
فأرى على ظهركِ نَمَـش نداءاتي
والظلامُ حولنا نسرٌ أبيض
نسي بيضهُ على إفريز نافذتي
مثل ساعةٍ معلقةٍ في الأفق
حين نظرتُ إليكِ
عرفتُ كم تأخرت
وحين ابتلّ إصبعي أول مرةٍ
في سُـرَّتك
دارَ رأسـي دورةً كاملة
فلم ينفصل
كنتِ عُنـقي
شكّلـتُ أصابعي طائراتٍ ورقية
نفختُ في يدي
فهبت ريحٌ
أنا صائد الفلين
في بحر الليالي
شربتُ طويلاً
فلم يرجع أحدٌ بعدي
إلا طافياً
اختاري الشتاء
وعليّ المطر
صُـبّـي لي كـأساً
وضُمي شفتيكِ
كِـدنا نسكر
أمامنا ليلٌ
وكثيرون يرسمون الصباح
على ظهورنا.
*نصوص: عبدالله الريامي