أرسم ولكن لا شيء محدّدًا أقوله،
غير أنّي لا أكفّ عن الرسم
ربّما لألتقط بدقّةٍ ما يدفعني للرسم
أو لئلّا تُردم الهوة التي تفصلني عن الموت؛
بل أظنّني أرسم كي أبقى حيّاً
شأني شأن جنديّ الحراسة الذي يذرع ليلاً
المائة خطوة
كي يبقى متيقّظاً.
***
اللوحة ملقاة على الأرض
أدوسها تارة وأدور حولها تارة أخرى،
وقد أبدو أحياناً بهيئة من يصلّي
ربما كان الرسم في جوهره
طريقتي في الصلاة.
***
حين تنسج العنكبوت لوحتها
هل تشعر بالمتعة يا ترى هل تتألم؟
وإن كانت تفكر، فبِمَ؟
هل يحدث أن يصيبها السأم،
هل تشعر بالنّدم؟
***
أن تكفَّ عن كتابة قصائد عن الفراشات
أن لا تثقلها بعدُ
بكلماتٍ لا طائل منها.
***
تلك المرأة المجهولة
الجالسة في طرف مائدة في هذا المقهى الكئيب
اجتازت لتوّها البحر
وعلى وجهها
وجوه كلّ أطفال بلادي الموتى
وأولئك الذين ما ولدوا بعد
وسيموتون.
***
مغلقٌ منذ اليوم
الباب الصغير الذي كان
ينفتح فيما مضى
على ذرّة من يقين.
***
البحر في قلب الضباب ليس بحيرة
أوراق الشجر الميتة ليست طيوراً
لكن
لا شي يمنع أن نصدق أنّها كذلك.
***
مطرُ الشتاء
أغصان شجرة التفاح العارية
مثقلةٌ باللآلئ.
***
عصفورّ صغير، بوزن الرّيشة
فوق الغصن المرتعش
الشجرةُ حيّة حقّاً.
***
اللحظةُ معلّقةٌ على حبل الغسيل
حيث حطّ طائر للتوّ
ذرقٌ أبيض بمثابة فاصلة،
ثمّ الزمن، كاسر الجوز ذاك،
يواصل التحليق.
***
يحدث أن تهرب القصيدة
من الكلمات إلى اللوحة
وعندها تتطهّر.
***
شجرة التفاح
منتصبة بعُريِها البسيط
في قلب الضوء البارد
أغصانها عروقٌ
لورقة السماء شبه البيضاء.
***
لا يسعنا أن نرى أو أن نسمع
صمت الكلمات البيض
فوق الصفحة البيضاء
ولكن
أيّ صخبٍ في الأعماق!
***
خيطٌ يربطني بطفولتي:
سلكٌ شائك.
***
في الصبح، حين أصحو
أفتح الباب- النافذة من جهة الحديقة
أُدخِل الحديقة، أدعو شجرة التفاح إلى مائدتي
أرسم مثرثراً مع الشجرة، متنشقاً عطر الأرض النديّة،
على حافة الكرسيّ
يزقزق الشحرور
محتفياً بالنهار الجديد.
***
يدخل البهلوان الأول
يضجّ جمهور القاعة بالتصفيق لحركاته البارعة
-باستثناء رجلٍ واحد
يدخل البهلوان الثاني
يفوته الإمساك بالكرة
فيصيح الجمهور مستهجناً-
ما عدا الرجل ذاته،
الذي يقف له مصفّقاً.
*نص: حميد طيبوشي (شاعر وفنان تشكيلي جزائري)
*ترجمة: وليد السويركي