أنشودة لجميلة – شارل بودلير- ترجمة: محمد عيتاني

هل أنتِ جئتِ من السماء العميقة أم أنَّكِ خرجتِ من الُّلجة

آه أيتها الجميلة؟ إنَّ نظرتكِ الجَهنميَّة والإلهيَّة

تسكبُ، بغموضٍ، الخير والجريمة.

ولهذا يمكن تشبيهكِ بالخَمرة.


إنكِ تحوين ما في عينيكِ المَغيب والفجر

وأنتِ تنشرين طيوباً مثل مساءٍ عاصف؛

قُبلاتكِ شراب المحبة، وثغركِ هو أمفورة(1)

تجعلُ البطل جباناً والطفل شجاعاً مقداماً.


فهل أنتِ خارجة من الُّلجة السوداء أم أنتِ هابطة من الكواكب؟

القدرُ المسحور يتبعُ تنورتكِ الداخلية مثل كلب؛

إنك تزرعين، دون تمييز، البهجة والكوارث

وتحكمين كلَّ شيء ولستِ مسؤولةً عن شيء.

أنتِ تسيرين على موتى، أيَّتها الجميلة، وتهزئين بهم.

والرُّعب بين حليكِ، ليس هو الأقلّ فتنة،

والقتل، هو من أحبّ حُليكِ إليكِ، ويرقص على بطنكِ رقصة العشق.


الزائل الوقتيّ يَطير نحوكِ، شمعة

تطقطق وتشتعلُ وتقول: لنباركِ هذا المشعل!

والعاشق اللاهث المُنحني على جميلته

يُشبه محتضراً يلامس قبره.


من سواءٍ كنتِ قادمة السماء أم من الجحيم،

ما همَّ آهٍ أيَّتها الجميلة! أيَّها الوحش الهائل، المُفزع، والساذج!

إذا كانت عينكِ وابتسامتكِ وقدمك تفتح لي باب

لانهاية أحبها ولم أعرفها قط؟


من الشيطان أم من الله، ما همّ؟ ملاك أم جنية بحر

ما همّ، إن كنتِ تجعلين لي – أيَّتها الجنية ذات العينين

المخمليتين

الإيقاع، والطيب، والألق، آهٍ يا ملكتي الوحيدة! –

إن كنت تجعلين لي العالم أقلَّ بشاعة واللحظات أقلَّ

ثقلاً؟




____________________

(1) أمفورة : قارورة ذات عروتين

*نص: شارل بودلير
*ترجمة: محمد عيتاني

زر الذهاب إلى الأعلى