التصاق
الضوءُ يبقّع الظِّلال بلونٍ أصفر.
نتعرّقُ ونندفعُ إلى بَعضينا،
نتسلقُ بأصابعنا سلالم الأضلاع الزلقة.
وحيثما يَتلامس جَسدانا
يصيرُ الجلدُ حياً، حاراً وتواقاً،
وكحيواناتٍ غير مرئية
يتحرَّكُ على صَدري ملمسكَ الناعم.
ما أريده أن أمدّ يَدي ببساطةٍ وآخذه بغير كياسة،
أن ألتهم الخبزَ البشري القاتم
بیدین جَشعتين.
أن ألتهمَ العيون، الأصابع، الفم،
طفيليات الرَّغبة العذبة.
مجنونة أنا، رأسي مليء بالنحل،
أترى كيف أضرب الوسادة بغير وعي.
وحين يستسلم جَسدي أخيراً،
ثم يجرُّ نفسه بعيداً، مشبعاً بالملح،
ويتقوس بوجعهِ الأخير،
أشعر بامتنانٍ شديدٍ نَحوك،
فأعطيكَ أي شيء، أي شيء.
إذا ما أحببتكَ، يُمكن أن يقتلني هذا القرب.
القُبلة
قبلةُ عاشقين على مقعد الحديقة،
على حافة السرير القديم، على بابِ البيت،
أو في الكنيسة.
قبلةُ عاشقين بينما الشوارع تغصُّ بالبالونات
أو الجنود،
بالجراد أو بالأوراق الملوَّنة،
بالغبار أو الماء أو النيران.
قبلةُ عاشقين على امتداد العصور
تحت الشمس أو النجوم،
تحت الأشجار الميّتة،
أو المظلات، وبين الأطلال.
قبلةُ عاشقين بينما يحمل المسيح صليبه،
وينشد غاندي الخُطب،
وتشق رصاصة الهواء
إلى قلب طفل رائع.
قبلة طويلة، عميقة، فسيحة،
تستكشف صمت الفم،
تجوعُ إلى نبض الحياة.
لا تتوقف قبلة العاشقين
حين ترتطم السيارات
وحين تسقط القنابل،
وحين يبكي الأطفال
لحظة خروجهم إلى الهواء الأبيض،
حين ينحني موزارت فوق حسائه،
أو يميل ستالين فوق حديقته.
لا شيء يمكن أن يوقف العاشقين
عن هذه القُبلة،
عن أن يبدأ هذا العالم من جديد.
لا شيء يُمكن أن يوقفهما.
قبلة طويلة، عميقة، فسيحة،
قبلة تورّم الشَّفتين،
تجعل اللسان يندفع كالمجنون
وراء عذوبة الريق.
أريد أن أصدق أن العاشقين يتبادلان هذه القبلة
أملاً بإنقاذ العالم،
لكنهما لا يفعلان ذلك.
كل ما يعرفانه الإلحاح والحاجة،
حين يلتصق وجهاهما كزهور مسحوقة
ثم يرتدّان ثانية.
يغطيان الأسنان. يفعلان ما عليهما فعله
أملاً بالنجاة من الأسوأ.
يكتمان الكلمات القاسية،
يموتان بسبب خطايانا.
في هذا العالم المحطم
يمارس العاشقان هذا الفعل البسيط الكامل.
يتعانقان.
يتبادلان قبلة فحسب.
*نص: دوريان لوكس
* ترجمة: سامر أبو هواش