أمامي يفردُ البحرُ الغامقُ جسدَهُ – رشا عمران

كانَ في الغرفةِ سريرانِ لِأجلِهِ
وَكنتُ أَعرفُ أنَّ قامَتَهُ تَفيضُ عن الغرفةِ
قامَتُه بِمائِها الفارعِ
بَنجومِها المتناثرةِ كَمثلِ حصىً كحليَّة
قامَتُه على السريرَينِ في الغرفةِ الصغيرةِ
بينما أصابعِي تَفتحُ لهُ النافذةُ
المطلةَ على الغمامْ
ملقياً ثمارَهُ السوداءَ
أمامي
يفردُ البحرُ الغامقُ جسدَهُ
متمدِّداً كَالكلامِ المُكتهلِ
حيثُ المكانِ دائماً
لهِ
حيثُ يَدومُ صوتي
كَشاطئٍ
بلاً نهايةٍ


أَعرفُ
أنَّ الزوارقَ
تَتهدمُ كما الذاكرةُ
وأنَّ المرافئَ مهجورة
كَالحبِّ القديمِ
وأنَّ الرملَ يَتبددُّ
كما الأسئلةُ
وأنَّ الزرقةَ تموجُ كَضبابٍ منسحبٍ
منِ جهةٍ غريبةٍ
متألمٌ
غامقٌ
حزينٌ
بِأبعادٍ واضحةٍ
يعلنُ ثباتَ حضورِهِ
غيرَ منتبهٍ إلى يدِي
حينَ بِطفولتِهما
مزقتا قاعه الورقيّ
كما الأبانوسِ أولَ الصباحِ



يَتدفقُ موجهُ كَرغبةٍ أَرِقةٍ
إلى شُرفَتي
يَأتني بِاللآلئِ السوداءِ إلى جَسدِي
ولكن إلى فَمي
بِملحٍ
منٍ زبدٍ
إلهُ الأسرارِ العاتمةِ
أميرُ المرجانِ القاتمُ
سيدُ الأعماقِ الكامدةِ
نبيذهُ الغامقُ من المحارِ الصعب
كُلَّما ضاقَ عن ألغازِهِ
فصلَ جسدَهُ عن نفسِهِ
واقتربَ بِروحِهِ
إلى جوارِي



النوارسُ المحلِّقةِ
تَجهلُ الموتَ المختبئَ
في غضبِهِ المُعتمِ
قامَتُهُ في اتساعِها
الجسدُ الأسمرُ في ماضيهِ الخفي
الجنونُ الكامنُ في أعضائِهِ
الأزرقِ الأبانوسي
يتقدَّمُ إليَّ من الشرفةِ
الغامقُ
المتألمُ
الحزينُ
يَأتي بِرحيقِهِ الأسود إلى جسدِيْ
الفَسيحِ
حيثُ المطرُ وَالصحراءُ يُشاركانهُ
الوسادةَ نفسَها.




*نص: رشا عمران

زر الذهاب إلى الأعلى