هواجس في طقوس الوطن – عبد الله الصيخان

قد جئتُ معتذرًا ما في فمي خبرُ

رجلاي أتعبها الترحالُ والسفرُ

ملَّت يداي تباريح الأسى ووعت

عيناي قاتِلَها ما خانَها بَصَرُ

إن جئتُ يا وطني هل فيك متّسعُ

كي نستريح ويهمي فوقنا مطرُ

وهل لصدرك أن يحنو فيمنحني

وسادةً، حلمًا في قيظهِ شَجَرُ

يا نازلًا في دمي انهض وخذْ بيدي

صحوي والتمَّ في عينيّ يا سهرُ

واجمع شتات فمي واغزل مواجعَهُ

قصيدةً في يدٍ أسرى بها وترُ

وافضح طفولتيَ الملقاة فوق يدٍ

تهتزُّ ما ناشها خوفٌ ولا كِبَرُ

وصُبّ لي عطشَ الصحراء في بدني

واسكبْ رمال الغضى جوعاً فأنحدرُ

* * *

قهوةٌ مُرَّةٌ وصهيلُ جيادٍ مسومةٍ، والمحاميس في ظاهر الخيمة العربية

راكةٌ في الرمال وفي البالِ، كيف المطاريشُ إن ذهبوا للرواح مطي السفر ؟

وكيف هي الأرضُ قَبْلَ المطر ؟

وكيف الليالي، أمُوحشةٌ في الشعيب إذا ما تيمّم عودُ الغضى واحترى أن يمّر به الوسمُ صبحيةً والنشامى يعودون في الليلِ مثقلةٌ بالرفاق البعيدين أعينهم،

ثم كيف السرى إذ يطول بمَدْلجِها؛ أرضهُ أنسُهُ في التوحُّدِ، لا أحدٌ غير رمل الجزيرةِ، لا نجمةُ يستدلّ بها في السّرى غير قلب المحبِّ، وهذا الحصى شَرِهٌ ما طوته القوافلُ من زمنٍ ثم كيف النوى إذ يطول بنا.

قــم بنــــا

أيَها الوطن المتعالي بهامات أجدادنا

أيَها المستبدّ بنا لهفةً وهوىً

أيَها المتحفّز في دمنا

والمتوزّع في كل ذرّاتنا

أعطنا بصراً كي نراك، وأوردةً كي تمر بنا فيه نلقي مساءً جميلاً، قرنفلةً في عرى ثوبك الأبيض المتسربل ضوءًا لنمشي أيا أيّها الوطن المتعالي إذا ما ارتدانا الظلامُ إليك.

خذ يدينا إذًا

صُفْنا.. وأقم يا إمامَ الرمال صلاةَ التراويح فينا، مقدّسة أن تظلّ لنا شامخاً كالنخيل الذي

لا يموت..

واضحاً كالطفولة، كالشمس ثم اعْطنا جذوةً حيَةً في الفؤاد الخليّ لكي يصطفيك

وطني واقفٌ ويدي مُشْرَعَهْ

ابنك البدويُّ أتى يستزيد هواجس أيّامه المُسْرِعَهْ

مرسَلٌ من سنيّ الفراغات

كيما أفتّش عن لغة ضائعهْ

بكيتُ على باب مكة، فتشتُ أركانها الأربعهْ

في فمي معزفٌ كسرته الليالي ومَحَت ترانيمَه الزوبعهْ

* * *

إنني واقفٌ خلف ظهرك مفتتحًا وجعي باعتذار المحّبين حين يطول النوى

خاشعًا من محيّاك، يا وطنًا نتعالى به، غيمنا إذ يجف بنا الورد، سلوتنا في مساء التغرُّب، في الصبح وردتنا ورغيف الفقير،

وأنت البسيطُ البسيطُ فقل للعصافير 

إن الفضاء مديحُ اتساعٍ لعينيك كي لا تطيرَ،، 

فكن وطني ممعنًا في الهدوء لكي تعتلي ذروتك

وكُنْ في المساء حنينًا عليها لكي تَمْنَح السرَّ لك

سماءُ لنا، وسماواتُ لك

وأنت فضاءُ البياض إذا ما استفاضَ على القلب شكْ

وأنت الشهادةُ فيمن هلكْ

سماءُ لنـا..

وسماواتُ أولها أنت، آخرُها أنت، 

وأنت لنا الضوء إذ يستدير الحَلَك

وطــنٌ..

تعبت رملةٌ في (النفود) فقلتُ لك القلبُ مُتّكأٌ والغمام فَلَك

فاستديري به ثم حُطِّي على جبهتي

أنا واقفٌ لمجيئك

أعرفُ

بعد الغمام تغنّي السماءُ لنا أغنيهْ

تصبّ لنا الماءَ في عطش الكأسِ

وقتئذٍ

مطرٌ أشعلك

مطر أشعلك.

زر الذهاب إلى الأعلى