بعيدةٌ هي ظلال جزيرة العرب،
حيثُ يَمتطي الأمراءُ صهوات الخيولِ في الظهيرة،
بين الوديان الخُضر والأحراج النَّضيرة،
تحت شَبحِ القمر.
وداكنة هي القُبَّة الأرجوان،
والأزهار ينهدن في الغابةِ
ويتأرجَحن بالنُّوار، على ضياءِ نجومٍ كالخيال
شاحبات في سماوات الهَجير.
وحلوة هي مُوسيقى جزيرة العرب
في قَلبي، حين ألمحُ في عتمةِ السحرِ الصافية
جداولها السَّاربات من الأحلام،
وأسمعُ مزاهرها الغريبة على الضِّفاف الخضراء
ترنُّ، عالياً، بالحزن والفرحة من قلوب الشعراء
ذوي الشُّعور السود ومطارف الحَرير الدكناء،
في صمتِ الليل العميق.
وإنها تعودني كالأشباح – مزاهرها والأحراج،
ولا أرى في الأرض من جَمَالٍ
إلا وترفّ عليهِ ظلال
من ذلك الحُلم الذي أستعيد به من حسنها ذكراه.
وما تزال العيون تُحدّق بي في برود
والأصواتُ الباردةُ تَهمسُ وهي تقول:
«لقد جُنَّ بسحرٍ من جزيرةِ العَربِ البعيدة وقد سَلبوا
منه لبَّه».
*نص: والتر دي لامير
*ترجمة: بدر شاكر السياب