لا بأس – مريد البرغوثي

لا مُشْكِلَةَ لديّ

أتَلَمَّسُ أحْوالي .. لا مُشْكِلَةَ لديّ

شكلي مقبولٌ ولبعضِ الفتيات

أبدو بالشعرِ الأبيضِ جذاباً

نظّاراتي متقنةٌ

حرارةُ جسمي سبعٌ وثلاثونَ تماماً

قميصي مَكْوِيٌ .. حذائي لا يؤلمني

لا مُشْكِلَةَ لديّ

كَفّاَيَ بلا قَيْد.

لِساني لم يُسْكَتْ بعد

لمْ يصدرْ ضِدْي حٌكْمٌ حتَّى الآن

ولم أُطرَدْ مِن عملي

مسموحٌ لي بزيارة مَن سَجَنوهمْ مِن أهلي

وزيارةِ بعض مقابرهم في بعض البلدان

لا مُشْكِلَةَ لديّ

لا يُدهشُني أنَّ صديقي أَنْبَتَ قَرْناً في رأسِه

وأُحِبُّ بَراعَتَهُ في إخفاءِ الذيل الواضحِ تحت ملابِسِهِ

وهدوءُ مخالِبِهِ يُعجبني.

قَدْ يَفْتِكُ بي، لكني سوف أسامحه فهو صديقي

وله أنْ يؤذيني أحياناً

لا مُشْكِلَةَ لديّ

ما عادت بَسْمَاتُ مُذيع التلفزيون تُسَبِّبُ لي أمراضاً.

وتعوَّدْتُ على توقيفِ الكَاكِيَّين لألواني

ليلاً ونهاراً.

ولِهذا أَحْمِلُ أوراقي الشخصيةَ حتَّى في المَسْبَح

لا مُشْكِلَةَ لديّ

أحلامي رَكِبَتْ أمس قِطَارَ الليل

ولمْ أعرفْ كيفَ أُوَدِعُها

وأَتَتْنِي أنباءُ تَدَهْوُرِهِ في وادٍ ليسَ بِذِي زرعٍ

فحَمِدتُ اللهَ، ولمْ أبكِ كثيراً

فلديَّ كوابيسٌ صُغْرى

سأحولها، إنْ شاءَ اللهُ، إلى أحلامٍ كُبرى

لا مُشْكِلَةَ لديّ

أتَلَمَّسُ أحوالي مُنْذُ وُلِدْتُ إلى اليوم

وفي يأْسِي أتذكرُ

أنَّ هناكَ حياةً بعدَ الموت

هناكَ حياةٌ بعدَ الموتِ

ولا مُشْكِلَةَ لديّ

لكني أسأل:

يا الله!

أهُناكَ حياةٌ قبلَ المَوت؟


يمكنكم الاستماع لإلقاء مميز لهذه القصيدة في حلقة بودكاست مقصودة، والاشتراك لمتابعة حلقات الإلقاء والنقاش التي تقدمها ببراعة فرح شمَّا وزينة هاشم بيك.


*نص: مريد البرغوثي

زر الذهاب إلى الأعلى