أيها الراحلُ في الليل وحيدًا
ضائعًا منفردًا
أمس زارتني بواكيرُ الخريف
غسلتني بالثلوج
وبإشراق المروج
أيها الراحلُ في الليل وحيدًا
حين زارتني بواكير الخريف
كان صيفي جامدًا
وجبيني باردًا
وسكوتي رابضًا فوق البيوت الخشبية
مخفيًا خيرته في الشجر
وغروب الأنهر
وانحسار البصر
لوّحت لي ساعة حين انصرفنا
ساعة حين انصرفنا
ثم عادت لي بواكير الخريف:
حين عادت
وثب الريح على أشرعتي المنفعلة
سطعت شمسُ الفراديس على أروقتي
ومضت تحضنني الشمس الندية
والتي ما حضنتني
التي ما عانقتني
في الزمان الأول
في الزمان الغائب المرتحل:
انتظرني
فأنا أرحل في الليل وحيدًا
موغلًا منفردًا
في الدهاليز القصيات انتظرني
في البحر انتظرني
انتظرني في حفيف الأجنحة
وسماوات الطيور النازحة
وقت تتنهد المدارات
وتسود سماء البارحة
انتظرني.
* عبد الرحمن أبو ذكري.
شاعر من السودان ولد عام 1943 وانتحر برمي نفسه من قمة مبنى أكاديمية العلوم السوفياتية في موسكو عام 1989. صدر له ديوان واحد بعنوان:” المشي في الليل” عن دار جامعة الخرطوم عام 1973.