ليلة أرِقَة
ها هو الليلُ
صراخٌ وصيحات غضب،
الليل
جلَّاد المُستلقين اليَقظين والشُّهداء المُحترقين فوق أسرَّة أحلامهم.
مُلقى في نار الهموم أشمُّ رائحة جلدي يَحترق
مثل شقِّ الغزالة وأسـتـمـع لرئتيّ تتكسـران فـي مـواجـهـةِ الهـواء الجاف للريح
الشرقيَّة
سأكونُ سعيداً لو أن ساحرة الحلول،
عند جلاء الفجر،
تُمكّنني من الشربِ من مطرتها
وتجفّف عرقَ الكوابيس عن جَبهَتي
وتنيمني في سفح المُنحدرات
مُستسلماً لنسائم البحر ولمداعبات
السكينة الصباحية.
رحيل
مضيتُ
عبر الطرقات الموشاة بالنَّدى
التي تزقزقُ فيها الشمس.
مضيتُ
بعيداً عن الأيام العَفِنة
والأغلال،
التي تتقيأ قباحات
بملء أفواهها.
مضيتُ
إلى أسفارٍ غريبة،
خفيفاً وعارياً،
من دون عصا ولا جراب،
ومن دون هدف.
مضيتُ
نهائياً
من غير رجعة.
بيعوا قطعاني كلَّها،
ولكن من دون رعيانها.
مضيتُ
صوب بلدانٍ زرقاء،
صوب بلدانٍ فسيحة،
صوب بلدان الرَّغبات التي تعذّبها الأعاصير،
صوب بلدان دسمة وغزيرة.
مضيتُ نهائياً،
من دون رجعة،
بيعوا مُجوهراتي كلَّها.
رسالتكِ على الشرشف
رسالتكِ على الشرشف، تحت القنديل العطر
زرقاء مثل القميص الجديدة التي يملسُها الشاب الفتى
وهو يُغني، مثل السماء والبحر وحلمي
رسالتكِ. للبـحـرِ مـلحـه، وللـهـواءِ الحليب والخـبـز والأرز،
أقولُ ملحكِ
الحياة تحتوي نَسغها، والأرض معناها،
معنى الله ومعنى الحركة.
رسالتكِ التي من دونها لا تكون الحياة حياة
شفاهكِ مِلحي، شَمسي، هوائي المُنعش، وثلجي.
*نص: ليوبولد سيدار سنغور
*ترجمة: شربل داغر
*من كتاب: مختارات شعرية من السنغال، المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب