مَرَاثِي الجَلِيلَة بِنْتُ مُرَّة – ماجد سليمان


يَا لِلنَّجْدِيِّينْ!
سَاعَةَ انْـحَدَرُوا آفِلِينَ مَعَ عَتْمَةٍ تَذُوبُ فِـي يَدِ النَّهَارْ، سَقَطَ الصُّوَاعُ مِن يَدِ الـمَلِكِ، وَتَدَحْرَجَ تَاجُهُ إِلَى بَابِ الـحَاجِبْ. فَيَا أَيَّتُهَا القِلَاعُ الـمُدَجَّجَةُ بِصَيْحَاتِ الفُرْسَانْ، وَالـمُحَاطَةُ بِأَحْلَامِ الـمُلُوكِ الـمُـنَكَّسِينَ عَلَى ظُهُورِ البِغَالْ، أَنْصِتِي قَبْلَ أَنْ يَـخْتَطِفَنَا الزَّمَنُ العَجُولْ، وَيَهْوِيَ بِنَا فِـي لَيْلٍ أَصَمّ أَبْكَم عَنِيدْ.


لِـلْمَرَدَةِ العُصَاةِ انْصِتي

أَيَّتُهَا الأَسْوَارُ الوَاهِنَةُ، الذَّائِبَةُ فِـي بِرْكَةِ الـمَاضِي الآسِنْ، رُكَامُ حِجَارَتكِ مُكُوَّمٌ عَلَى أَكْتَافِ الوَادِي القَرِيبْ، بَعْدَ أَن اعْتَلَكَتْهَا أَضْرَاسُ الـمَغَازِيْ، وَبَلَّلَهَا لُعَابُ الـمَطَامِعِ الـمُلَغَّمَةِ بِأَفَاعِي الدُّرُوبْ.


لِـلْمَرَدَةِ العُصَاةِ انْصِتي

يَا بِلَادَاً تَنْبُتُ مِن طِينِ النُّدْرَةِ، مِن خَلْفِهَا بِلَادٌ تَـخْرُجُ مِن نَوَافِذِ السَّحَابْ، وَتُرْسِلُ رَائِحَةَ الـمَطَرْ، وَثَالِثَةٌ تُزْهِرُ فِـي غُصْنِ الـمَغِيبْ، وَتُوقِدُ مَدَافِئَهَا لِلْقَادِمِينَ مِن لَوْثَةِ البَرْدْ.


لِـلْمَرَدَةِ العُصَاةِ انْصِتي

أَيَّتُهَا النُّعُوشُ الـمَحْمُولَةُ، عَلَى رُؤُوسِ مُشَيِّعِينَ خَائِرِينَ فِي حُزْنٍ ثَقِيلْ، يُغَمْغِمُونَ بِكَلَامٍ مَبْتُورٍ، وَآخَرَ مُشَوَّشْ، يَتَوَغَّلُونَ فِـي الظَّلَامِ تِـجَاهَ الـمَقْبَرَةِ البَعِيدَةْ، سَاعَةَ أَنْزَلُوكِ عَلَى أَرْضٍ جَرْدَاءْ، لِتَتَجَاوَرَ مَشَاعِلِهُم الطَّوِيلَةْ، وَلَغَطُهُم يَتَصَاعَدُ وَيَـخْفِتْ، ثُـَّم شَرَعَت مَعَاوِلُـهُم تَـحْفُرُ فِـي عُمْقِ الأَرْضِ الَّتِي أَحَالَـهَا مَطَرُ البَارِحَةِ إِلَى طِينٍ ثَقِيلٍ لَزِجْ، مَعَاوِلُ تَتَابَعُ طَرَقَاتُـهَا غَائِصَةً فِـي الأَرْضْ.


لِـلْمَرَدَةِ العُصَاةِ انْصِتي

أَيَّتُهَا الـهِضَابُ الـمَعْصُوبَةُ بِعِصَابِةِ الصَّيْفْ، أَنِيبِي ِإِلَى نِدَاءِ الفَلَوَاتِ الـجَرْدَاءِ البَعِيدَةْ، أَوْسِعِي الرِّيْحَ صَمْتَاً، حَتَّى تَتَوَعَّكَ قُمْصَانُـهَا بِوَيْلِ الثُّقُوبْ، وَتَـهْوِي حُنْجُرَتِـهَا عَلَى رَمَادِ نـَجْدِيِّينَ غَادَرُوا قَبْلَ أَنْ يَفِيقَ فَجْرُ غَدٍ، أَو تَتَفَتَّتُ صَيْحَتُهَا عَلَى صَلْدِ صُخُورِ سَفْحِكِ الأَبْكَمْ، وَتُـجْهِزُ عَلَيْهَا أَيَادِي الـخَرِيفْ.


لِـلمَرَدَةِ العُصَاةِ انْصِتي


*نص: ماجد سليمان

زر الذهاب إلى الأعلى