مختارات إيروتيكية – سعدي يوسف

امرأة صامتة

في فراش البارحةْ
حيث كان الشرشف الكتّانُ مكويّاً
وكان الليل مطويّاً على خضرتِه في الرّكنِ
أو حمرتِه فيما تبقّى من نبيذ الرّيف..
كان الصمت يعلو
وتموج الأرض مستنجدة بالشرشف الكتّانِ :
احملْ جسدينِ
اتَّسِعِ، الليلةَ، شيئاً…
لا تضقْ بالموجِ
بالموجةِ في الذروةِ
وَلْتَنْدَعِكِ الأزهارُ في أطرافكَ..
الليلةَ، يعلو الصمتُ
والماء يرى منبعَهُ ـ السرَّ، مَصَبّاً..
… … …
… … …
أنتِ في الموجة تمضينَ
تئنّينَ عميقاً، داخل الجِلْدِ، وتمضينَ
وتعطين زهورَ الشرشف الكتَّانِ
ما تعطينَ:
قطراتِ الحرير..


ابتداء

أحبُّ أن أطيل عبر العنقِ القُبلة
أزيحُ شعركِ القصيرِ عن أذنكِ
أنزعُ القرطَ الذي أمس اشتريته من حضنِ أفريقيةٍ
في مدخل المترو..
أذوقُ شحمةَ الأذنِ
وأمضي هابطاً في العنقِ
أمضي هابطاً في العنقِ
أمضي هابطاً
أمضي.


وفي الهوَّة
في العمقِ
تماماً، حينما أوشكُ أن أغرقَ
تأتي اللفتةُ
الضحكةُ…
تلتفّين بي
والعنق المُتْلَعُ يسترخي
على موج العناق.


فارسة

تُحّبين الخبب
ماثلةً بصدركِ على الجَواد
تضغطينَ بنهديكِ
بفخذيكِ …
لاهثةً
متصببّة العطرِ..


الى أين تمضين أيَّتُها الفارسة
بجوادكِ المُنهَك؟


ناحلة

من أين أُمسكُ بكِ؟
لا النهدُ يملأ راحتي
ولا الزند.
وفخذاكِ، فخذا الغزالة، هل تعرفان غير الجري؟
حين أطوِّقُ خصركِ
ترتسم أضلاعٌ على أناملي.
لكنك، حين نفعل الحب، ترفرفين
تطيرين
وتهبطين
ممسكةً جيّدا بالعُود…


ثالوث

المسدّس تحت الوسادة
حين دخلتِ الغرفةَ البحرية
شفيفة الثوبِ
متضوِّعةً
وشَعركِ مروحةُ كُحلٍ وياسمين
كانت عيناكِ تطرُفان…

المسدس تحت الوسادة.

الموجةُ تندفع
والفِراش تتطاير أوراقُه كالريش
الشرشف
والأثواب
والوسادة.

الآن،
نحن ثلاثة في صراحة العري:
أنتِ
أنا
والمسدس.


عطلة الأسبوع


في محطة لمترو الضواحي
كنت أنتظرك منذ الصباح..
القطارات تتقاطع
المسافرون يتقاطعون
كذلك بائعو المخدرات وكلاب الشرطة.
إنه يوم السبت
هكذا، سنُمضي معاً، عطلةَ الأسبوع
سوف نثمل
ونغني
ونحبّ…
… … …
… … …
لم تجيئي في الموعد.
ضغطتِ زرَّ الباب في السادسة مساءً.
… … …
… … …
في السادسة مساءً بدأ الصباح
كنا عائدينِ، معاً، من محطة المترو
وفي شعركِ بُقيا من طراوة الفجر.



زَبَـد


هذا الزبَدُ الطافحُ
في سبّابتيَ اليمنى،
في منبِتِ ساقيكِ…
الزبَدُ اللامعُ في زغَبِ الدلتا،
هذا الماءُ المتكثف مثل نبيذٍ أبيضَ مكتنزٍ منذ سنينٍ وسنين…
سيظل هنا
في هذا الركنِ من الغرفةِ
ملتصقاً بالشرشف
ملتصقاً بهواء الغرفة
ملتصقا باللحظة حين تغيبين…


*نصوص: سعدي يوسف
*من كتاب: إيروتيكا

زر الذهاب إلى الأعلى