غريبٌ مكلومٌ بمنجل العذراء – أمجد ناصر

عدتُ من السَّهرِ بغير ما عادوا
يداي
تدلَّان
عليَّ.


أقلُّ جمالاً
لهم أسماءٌ تسبِقُ
وتُرجِّعُ
أمطاراً
ظلَّت تهطلُ
وأنا أشقُّ الليلَ بالأنفاس.


الغصنُ الذي مسَّ كتفي
أدركَ رغبةً أمرَّ من قصبِ الغضبِ.

بأبواقهم عبروا الليلَ
يلمعونَ بزيتِ المهنِ
محليين امتلكوا وبدَّدوا
لم يروا في سَحباتِ الرّخامِ


ودوار المرايا ما رأيتُ
ليثملوا
بالأفيونةِ تدخِّنُ تحتَ أنوفهم
بالثمرةِ
رائبةً
تسحُّ على الحوض،
لم يصدعوا للحفيفِ يسلبُ قلعةَ النوم.

…………………..

وكنتُ الغريبَ مكلوماً بمنجلِ العذراء
أشبُّ من برجِ الأسد.
لكنني تركتُ مزماري على الأعشابِ
مستوفيًا قِسطَهُ من قسمةِ الرِّيح.

أنظرُ إليكِ في أطناب المَنَعةِ
حِيلتي لا شيءَ أمام سِحر الواصلينَ
على أطرافِ أصابعهم إلى أعالي الخدر.
بلا
دَرَجٍ
أسمعُ أنفاسًا تعدُ بأكثر مما
حازتُه يدٌ لوَّحتْ بعرجون.

كوني مثلنا
نحبُّ لأنَّ قمراً لا غبارَ عليه
قلَّبنا في مضاجع الندى،
بين الشَّعيرِ والأجراسِ تفلَّتت أعضاؤنا
من خيطِ الرَّائحة
قادنا أكبر الأكباش طراً
إلى زيح الأنثى.

دمُ الشَّقائقِ أرهَقَنا
وحزَّنا حدُّ الليلِ.
الغَيْرةُ أعمتْ بصائرَنَا
فَحَسدنا لُصوصاً وقعوا
على قطعٍ نادرةٍ في الغسيل.

تَخَفَّفِي من رياش الغلبةِ
دوسي العتبةَ
وشرِّفي البيت
لي قميصٌ ذائعُ الصيتِ وسيفٌ
ولي سيطرةٌ على نواحي الأصهار.

عسلٌ ودمٌ على شفتيَّ
من فِكرة القُبلة.

حاملُ الوشم وَصلَ
بکبشهِ
وأجراسهِ
تتبعهُ النَّيازكُ
عَبَر قُبوراً بيضاءَ
وداسَ عُشباً صامتاً بين التماثيل.

أتغنى بالذي يَبسِطُ
وأجزلُ مديحاً للعضلاتِ وهي تصدُّ،
مغمضاً
أقتَفي عِطرَ الأمس اللابث
بين الساقين
أذخرُ أنفاساً لأشواقٍ تستأسدُ
في عرين الأرق.

بحلاوة اللسان
اكتشفتُ مُلوحةَ المخبوء.

أخبرتني شفتاكِ
بمقتلةِ الكرزِ
وأنفاسُكِ بحصادِ الهالِ
وعيناكِ بالمصير الذي آلت إليه
سُلالةُ اللوز.

أتشُمِّينَ فوحَ الوردَتيْن؟

أفقدُكِ وأستعيدُكِ
كلَّما ذَهَّبَ ضوءٌ نَحْرَكِ
وفَضَّضَ غَبشٌ حاشيةَ السرير.

المحارمُ
الكؤوسُ
المنافضُ
الثيابُ إذ منهكةٌ
الفراشُ بليلاً
مَطالعُ سيرةٍ
لمُنَازلةِ النمر.

أجلسُ بين الأَهلِينَ ولا أُسألُ عن اسمٍ،
نَسَبي هُناك
يَرمي حَطَباً في جوفِ الليل
ويعطي العابرَ أوصافاً
ليس لي ما لهم لأنام،
يَدي
ولسَاني
يَدُلَّان
عليّ.

جنحتُ إليكِ بلا دليلٍ
قلتُ يا بَشرى هذه أرضُكِ لاحَتْ
وقِبَابُكِ حَصْحَصَتْ.

يَدُكِ تدني وتُقصي
قَميصُكِ يَكنزُ ما يَسيلُ له اللعابُ،
أدخليني مَدْخَلَ ضيقٍ
لنصعدَ بالألم.

ليس هينًا دخولُ المُلكِ من استدارةِ الخَاتم.

ليلُ سهرٍ وحُمَّى
ألمسُكِ من الطرفِ الموجعِ
أُغريكِ بالريحان
وحليبِ الإبلِ الخاثرِ
أنا الغريبُ المَكلومُ بمنجلِ العَذراءِ
أطلب ثأراً عاجلاً
من ترّفع الكَتفينِ
باذخینِ
لا تصلهما سهامٌ
ولا تُدنيهما رحمات.

لأكون جديراً باسمي
شمسُ بن عبدِ شمسٍ
سأجهلُ جهلًا يُحرِّرُ الفهدَ من مَرَسِ الصيدِ
وأرسلهُ يَرعى نمشَ العشرين.

البرقُ
والرعدُ
يقدحانِ في ظَهري.

سأحرثُكِ بقوَّةِ البدائيينَ
وأحفرُ كنوزَكِ بيديْن تقودان القرنَ
إلى استغاثة تُدمي أديمَ الأبيض
المُمتنِّ لنفسه.

مَركبي جَنحَ في مَضيق الشَّهقات
وطفقتُ أبحثُ عن مُستقرٍ
ليدي العَمياء.

سيفٌ على مخملٍ
يكادُ حدَّهُ يُضيء.

عندما تَنثنينَ
أرى انفلاقَ القَمرِ
أبيضَ بظلالٍ من بنفسجٍ،
تتوحلُ الرغبةُ،
وتسفُّ قُنْبزَ المجرى،
الخدرُ
يحلُّ
عقدةَ
اللسان.

نصيبي اليومَ من هاتين العينين
اعترافٌ بشَغلِ الحَيِّزِ.

سيّدي
وأنا غريبُكَ
جَمّلني بينهم
وارفعني فوقهم درجاتٍ
لأقطف عنبَ الأفعى
وأستردُّ نقودَ اليَقَظة
سطا عليها قَرَاصنة النوم.
الاحتضانُ هاصرٌ
يُطقطِقُ العظامَ
ويبعثُ الحَشرجاتِ من الرَّميم،
الشدُّ والجذبُ يَتحدان في صمغِ الهبوبِ
تلتمعين بالدفقاتِ
ماءٌ
يضيءُ
الوجهَ
الآخرَ
للـ
ليل.

فجأةً أَخلَتْ يدُكِ غَنيمتَها
وانبسطتِ العَضَلات،
نسقطُ
على
آخر
نفسٍ.

بين يديكِ ساكنٌ
قدماك تُحرِّكَان الهواءَ الثَّقيل
جرحُ
الطعنةِ
يرشحُ.

بالنَّمش الذي تتركينه على بَدَني
أغدو جميلاً
تحت قمر الحَسَد.




*نص: أمجد ناصر
*ديوان: سُرَّ من رآكِ

زر الذهاب إلى الأعلى