شمعة الأرض – أحمد راشد ثاني

افترضي أنَّ انتظارَكِ

أصعب من الحياةِ

وأنَّ الدَّمَ يَجري مُندفعاً

إلى البابِ

حينَ تَدخلينَ…


يفتحُ لكِ البشر

والمكانَ

ويُعانقُ الغيومَ التي تمشينَ معَها

يعانِقُ البئرَ

التي تَتبعُكِ


… إذنْ

ها أنتِ هنا

في الحانةِ

تقفينَ

فتَنحني لكِ الجدرانُ

في الرأسِ


تجلسينَ فتُمطرُ على الغاباتِ،

الغابات التي تحترقُ في الكؤوسِ


النادلةُ يدي

وعينايَ وصيفاتُ الملكةِ

وأفكاري كصحراءٍ من الخيولِ

سقطتْ في البحرِ


وحين نخرجُ

أراكِ موجةً عاريةً

تُغنِّي في الشارعِ:


«مجنونة أنا

وسكرانٌ أنتَ

فمن يأخذُنا إلى البيتِ»


من يأخذُنا؟


لن يأخذنا التعبُ

فقد نسيناهُ على الكراسي،

ولن يأخذنا الوقتُ

فقد مرَّ من هُنا

ولم ينتظر،

ولن يأخذنا أحدٌ

فالأحجارُ ما زالتْ نائمةً

على الطريقِ…


إذن

ها أنتِ هنا

في البيتِ


تضعينَ العَين في العينِ

وتلعبينَ بسلسلة مفاتيحكِ

تلعبين بمصباحِ الكلامِ


ترقصينَ

فأضيعُ في البَهوِ،

وظلال الموسيقى

التي تترنَّح مثلي


الأنفاسُ من كثرِ ما تمزَّقتْ

تقدمُ لكِ الكرسيَّ

والرغبةُ الكأسَ

والمساءُ يُواربُ البابَ…


بعينيكِ الوَحيدتيْنِ

تجمعينَ جَسَدي

بيديكِ الوحيدتيْنِ

تخلقينني على السرير


وعندما يستيقظُ النهارُ

في الليلِ،

أو يخرجُ الصباحُ نَظيفاً

من بابِ الليلِ

كالأمواجِ أُخرِجُكِ معي

من الأحلامِ التي طَمَستْها الذاكرةُ

إلى الذاكرةِ التي تُمزِّقها الأحلامُ


فافترِضي

أنَّ الحياةَ من دونكِ سُدى

وأنَّ الروح هي المسافةُ التي

لا تَقطعُها اليدُ

وأنَّكِ شمعةُ الأرضِ

وشمعة الأمطارِ التي لم تسقط بعدُ

على الأرضِ

وشمعةُ وصولَ سكانِ الكواكبِ الأخرى

وشمعةُ القصيدةِ التي كُتبت

في الظلامِ.




*نص: أحمد راشد ثاني
*من ديوان: وهنا اللذَّة

زر الذهاب إلى الأعلى