هذا الرحيلُ…
فراغٌ في قلبي
لا يملؤه شيء،
ظلٌّ رماديٌ بقدرِ ما يذكرني بالفقد،
يذكرني أيضًا بعظمةِ الأمِّ التي فقدت بناتها،
يذكرني ببسمة ورؤى،
العابرتين الهائلتين لطفًا،
وأمهنَّ التي أحببتُها كأمٍ ثانية،
فصار قلبي جزءًا من روحها… وروحهن.
لم أعرف فتياتِك…
لم أرَ وجوههن إلا في صورٍ عابرة،
ولم أسمع أصواتهن
إلا من كلماتٍ صامتةٍ على الشاشة.
ومع ذلك…
ترك الغيابُ في داخلي جرحًا
يشبه حنينًا لا يزول.
كلُّ دعاءٍ أرسلهن به،
كلُّ صدقةٍ تحمل أسماءهن،
نورٌ يصعد…
يغمر أرواحهن بالسكينة،
ويُعيد إليّ معنى الحبّ
الذي لا يحتاج لقاءً ولا صوتًا ليكون.
والفقدُ على قسوته درسٌ في الصبر،
يعلّمني أن الدعاء لمن لم أعرف وجهه
قد يزن عند الله أكثر
من ألف دمعة.
وأن لحظة صمتٍ واحدة
قد ترفع الروح درجات.
أرواحهن في رحمة الله…
مضاءةٌ بنورٍ لا يخبو،
مطمئنةٌ في جنات لا يصلها خوفٌ ولا حزن،
وكلُّ ذكرى…
كلُّ همسة دعاء…
تزيد نورَهن إشراقًا،
وتربطنا بهن عبر ما نعرف وما لا نعرف.
وأؤمنُ بيقينٍ راسخٍ
أن الله لا يبتلي إلا من أحب،
وأن صبرَ القلب على الفقد
جزاءُه أعظم مما نتصور.
سنراه يومًا،
نورًا يفيض في الدنيا…
وثوابًا لا ينقطع في الآخرة.
يبقى الأملُ مرفأً للقلب التائه،
وتبقى الرحمةُ جناحًا للروح،
وتبقى بعض الأرواح
حتى لو لم نعرفها يومًا
تضيءُ فينا أبدًا،
عناقًا بين نور الرحمن
والحبّ الذي لا يموت.
وأجمل ما يبقى…
أثرُ أمٍّ عظيمةٍ لا يضيع،
ودعاءٌ يتردّد باسم بناتها،
وسكينةٌ يكتبها الله لها
من نور أرواحهن…
وسعادةٌ لا يعرفها
إلا من أحبّ بصدق.
نص: لينا نبيل




