التذكرة: لا أريدك
الوجهة: إلى الأبد لا أجوبة لا مزيد من الأسئلة، إلى النهاية.
لا مفاوضات،لا انحناءات مكابرة، ولا صدق كاذب.
إلى الأبد لا مخرج ولا تلويحة أمان!
مكان قصّ التذكرة: روحي.
لم تكن تذكرة ذهاب، كانت نزعة وجود الجَمال في الأشيَاء،
لوهلة شعرتُ بأن كلّّ الأشياء تتحول إلى رماد،
تتلاشى منها الحياة.
ويبقى تساؤلي لماذا الرحيل يأتي شمولياً، مُستعراً،
لايمكن لأي مقاومة أن تقاومه!
روحي مُثقلة وخفيفة وجسدي ساقط، أفكاري تكاد تستجمع
ذاكرتها من الشتات ثم تهدمها فكرة الرحيل، فجموحها هائل.
لم أعد أشعر بشيء، أنا أذوب!
غير أن شعلة نار الرحيل تنخر في عدمي!
وأنا في السقوط والذوبان والتلاشي والاشتعال
يُخيفني شعور انهزامي وسواد الأيام بعد ذلك!
ستبدو مُفرَّغة، تتشكل من ضياعي.
فزعٌ مشوشٌ، متناهٍ، وساذج. لا هوية ولا رغبات ولا نيات،
أنا في الهاوية وحيدة وباردة وليس لدي ذاكرة للخروج
من مأزق الرحيل. ولا أعرف هل أنا بكيت من فرط الحزن
أم هو بكاء خالص؟ كلُّ شيء داخلي متهاوٍ ولا يسعني
أن أخرج من داخلي لألتمس خارجي.
مُتفتتة ومعجونة بالألم، ومتشكّلة كجذع شجرة يقف ليثبت بقاءه
وإن كسر الفأسُ رأسَه بنيَّة الدفء. فإني انكسرتُ لأبرد.
فراغٌ.. إنه فراغ. ولكنَّه ممتلئ بصورةٍ ما!
هكذا أرى ممارسات الحياة، ليس للقهوة رائحة ولا للأكل طعم
ولا أعرف لخطواتي اتجاه.
العطش بداخلي أكبر من شرب ماء أنقذ فيه تصلبّي،
أفعل أشياء لأؤمن بفكرة الرحيل، أحاول البحث عن الحياة
في ذكرياتي، في داخلي أنا موجودة لأتقبل ما معنى أن يرحل
أحدهم إلى الأبد.
هزيمتي تقع في الرحيل غير القابل للاحتمالات، للتراجع،
للخيارات، للانتظار، للفرص، ثم إنَّه يُخيفني معنى الأبد.
وأعتقد بأنه ليس للصدفة حياة في ذلك.
بقيتُ أُمارس الحياة لأتقبلني بهذا الخواء أو أنني أنتظر شيئاً
لا أعرفه، بقيتُ أفكر بكيفية التصبُّر؟
وكيف أنّي شكلتُ الصبر بصمتّ كثيف وعميق، وهل الصبر
يأتي بمقياسٍ محدد أو أنه يأتي فائضاً وكريماً في الهزائم.
هل سينضب؟
وإن فقدتهُ جرَّاء ذلك، فهل سيكون من ضجر الصبر؟
أو أنني لن أستطيع تقبل الرحيل أبداً؟
*نص: تهاني العطاوي